جعبة الحزب فارغة تماما من المادة الاعلامية الانتخابية، وادرك المعنيون بحزب الله ان سردية المقاومة واميركا والسلاح وكل هذه السينفونية لم تعد تنفع بالاخص في ظل الجوع والحاجة . فكان لا بد من ملأ الفراغ ولو كلاميا، فطُلب من عبد اللهيان بالمجىء وقيل له أطلق ما تشاء من الوعود ونحن نتكفل بالباقي, بدون الحاجة الى الوفاء باي منها واستغلالها انتخابيا، وهذا ما فعله .
 
لم تلق زيارة وزير الخارجية الايراني امير عبد اللهيان الى بيروت كثير متابعة من الرأي العام اللبناني، ولم تحظ باي مساحة تذكر في النقاشات والتعليقات المعهودة في اوساط المتابعين، بالرغم من حساسية اللحظة والمتغيرات المتوقعة إن على مستوى محادثات فيينا أو ما يحكى عن اجواء ايجابية بالعلاقة بين ايران والسعودية وما يعكسه كل ذلك على الساحة اللبنانية. هذه اللا مبالاة التي رافقت الزيارة، مردها ان الرأي العام اللبناني عموما، بات يعلم جيدا أن الزائر الايراني حين قدومه الى لبنان، هو معني بالدرجة الاولى بزيارة ممثله وسفيره بالضاحية، واما جولته على المواقع الرسمية اللبنانية فانها تأتي من باب الفلوكلور والروتين الرسمي ليس الا، وبالتالي فان المتابعين يتعاطون مع هذه الزيارات وكأنها زيارات حزبية داخلية لا شأن لهم بها، تماما كما يزور اي مسؤول ايراني لاي مقاطعة ايرانية ليس الا. ومن هنا ندرك، ان زيارة عبد اللهيان عشية الانتخابات، هي حصرا معنية بهذا الشأن، فالزائر الايراني معني بالدرجة الاولى بمساعدة جماعته بالاخص بعد الصفعة التي تلقتها ايران في الانتخابات العراقية، وما انتجته تلك الانتخابات من نكسة اشغلت بال النظام الايراني والمرتبك حاليا بتصحيح نتائجها المخيبة عبر التعطيل طبعا، وتكثير الزيارات المكوكية الى العراق، فلا يكاد يخرج مسؤول ايراني ( قآاني ) من العراق، حتى نسمع بقدوم اخر ( شمخاني ) مرورا لإضطرار الحرس قصف اربيل كمحاولة لاعادة التوازن والحضور الايراني ولو بالصواريخ د. من غير المسموح ايرانيا تكرار التجربة العراقية في لبنان، وهذه الخشية الايرانية هي خشية حقيقية مرتقبة بالنظر الى اداء الحلفاء وما جنته ايديهم في كلا من العراق ولبنان من تدهور اقتصادي مرعب وتعميم لسياسة الفساد والهدر وتهشيم بنية الدولتين، وبالتالي تحميل ايران مسؤولية كل ما وصلت اليه الامور في البلدين، وعليه كان لا بد من النظام الايراني، ان يمد يد العون لحلفائه في لبنان،د. وبما ان هذا النظام المتعثر اقتصاديا والمنهك ماليا بسبب العقوبات، فكان الخيار الامثل هو قدوم مسؤول الايراني وإطلاق الوعود القديمة الجديدة على قاعدة ( لا خيل عندك تهديها ولا مال... فليسعد النطق إن لم يسعد الحال ) فجاء عبداللهيان هذا، وأطلق الوعود الرنانة ببناء معامل الكهرباء، ولم ينس التنقيب عن النفط،، وبما ان المرحلة مرحلة ازمات القمح في ظل الحرب الروسية الاوكرانية فلا بأس هنا بالوعود القمحية ايضا ( ما يطلبه المستمعون )،، والملفت ان قبل انتهاء عبد اللهيان من لقاءاته ومؤتمره الصحافي المحشو بتلك الوعود الرنانية، وحتى قبل انتهاء زيارته وقبل انعقاد اي جلسة لمجلس الوزراء أو اي تصريح لوزير لبناني معني بتلك الوعود، خرج علينا جهابزة الدعاية الحزباللهية بالصريخ والعويل والبكاء والتفجع والتهجم والعتب واللوم وتحميل المسؤولية عن " رفض " كل تلك الوعود الانقاذية، وتحويل الوعود الاعلامية ومن ثم رفضها من المجهولين الاشباح الى اهم مادة انتخابية عن الحزب !!! بالختام صار واضحا ان الهدف الاساسي من هذه الزيارة، يتلخص على الشكل التالي: جعبة الحزب فارغة تماما من المادة الاعلامية الانتخابية، وادرك المعنيون بحزب الله ان سردية المقاومة واميركا والسلاح وكل هذه السينفونية لم تعد تنفع بالاخص في ظل الجوع والحاجة . فكان لا بد من ملأ الفراغ ولو كلاميا، فطُلب من عبد اللهيان بالمجىء وقيل له أطلق ما تشاء من الوعود ونحن نتكفل بالباقي, بدون الحاجة الى الوفاء باي منها واستغلالها انتخابيا، وهذا ما فعله .