بحمد الله تعالى-والذي لا يُحمدُ على مكروهٍ سواه- يجهد رئيس الجمهورية اللبنانية الجنرال عون نفسه ليظهر دائماً بصورة "رجل عقلاني" جدّاً"، فكان فيما مضى، أي عندما كان يُناطح أعتى القوى الإقليمية والدولية، دفاعاً عن سيادة لبنان واستقلاله، يدعو مُحازبيه ومُناصريه كلّ يوم أن يطّلعوا على مخاطر ولاية الفقيه، والتّبصّر بعواقبها الوخيمة على البلاد والعباد، والتي ستؤدّي حتماً إلى هيمنة حزب الله على كافة المستويات السياسية والأمنية، أمّا اليوم، وبعد أن أطال الله في عمر "الولاية" وأمدّها بجنودٍ لن تروها، وبسطت نفوذها على لبنان ومؤسساته، وجاءت بالجنرال عون عينه (أي ذاك الذي حذّر من مخاطرها وويلاتها) إلى سدة الرئاسة الأولى، ليتربّع مع صهره المُدلّل جبران باسيل على مفاصل الدولة بحراسة حزب الله ورعايته.
قبل انتهاء عهد الرئيس عون بأشهرٍ معدودة على أصابع اليد، ها هو الرئيس "العقلاني" يحكم ويجزم بأنّ أتباع ولاية الفقيه قاموا بتحرير لبنان ليس إلّا، ولا يمتّون للإرهاب بصلة( رغم التّصنيفات العديدة التي طاولتهم)، ومن فرط شفافيتهم وحرصهم على لبنان وسلامة مؤسساته، هم لا يتدّخلون البتّة في شؤونه الداخلية، وهم ينأون بنفسهم عن "السياسة" وخبائثها ونقائصها، ولا يخوضون معاركها إلاّ بالحُسنى، ولبنان بحمده تعالى بألف خير-في نظر عون- في ظلّ حماية حزب الله ورعايته، أمّا مُرتكبي جريمة تفجير مرفأ بيروت فسيُساقون أمام العدالة لتقتصّ منهم، وذلك بالتعاون المخلص الذي يُقدّمه حزب الله في سبيل ذلك، بعد تبرئة ساحته وساحة حلفائه، وهكذا تفيض "عقلانية" رئيس الجمهورية اللبنانية، الذي لم يشهد في يومٍ من الأيام( وهو القائد العسكري الفذّ) على استعمال حزب الله لسلاحه في الداخل اللبناني في الأيام المجيدة، كما لم تتناهَ إلى سمعه الأخبار التي تتحدث عن عرقلة حزب الله لسير العدالة في التحقيق بجريمة تفجير مرفأ بيروت، وأنّه ما زال مُصرّاً على "قبع" قاضي التحقيق العدلي طارق البيطار، ما استطاع إلى ذلك سبيلا.
بالطبع لن تنطلي على قداسة بابا الفاتيكان مثل هذه الأضاليل، في حين يشهد العالم على ليل الغربة والشقاء الذي يعيشه اللبنانيون، وهم لا يستبشرون خيراً في الإنتخابات النيابية القادمة برعاية الحلف الثلاثي المقدس بين الثنائية الشيعية وتيار أبي العقلانية ميشال عون وصهره جبران باسيل.