في ذكرى الثورة السورية إحياء جديد لدور فقدته بفعل أفعال متعددة أساءت لها ومنها ما هو متصل بمكونات الثورة نفسها وطبيعة المعارضتين السياسية والعسكرية وانتهازهما لفرص الإغناء على حساب الدماء ومنها ما هو مرتبط بطبيعة الدول التي استخدمت الثورة السورية لصالح مصالح خسيسة ومن ثمّ تنصّلت من مسؤولياتها العربية تجاه شعب ذبح أكثر من مرة ومنها ما هو متصل بدوري أميركا واسرائيل المتمسكتين بضرورات بقاء النظام على حساب معارضات جنحت جنوح التطرف فتباهىت بإنتمائها لتنظيم القاعدة .
هذه الأفعال جعلت من إيران وروسيا وتركيا دولاً متقاطعة لصالح النظام فأعادوا له خسائره الفادحة من مدن وأرياف وقد باعت تركيا الثورة السورية بسحب جميع المقاتلين من كل المحافظات وحشدتهم في محافظة إدلب بعد أن عجزت الأطراف الأخرى عن الدخول الى حيّ جوبرطيلة سنوات من الحرب التي تحوّلت إلى خطوط تماس دون نتائج ميدانية .
هذا التقاطع بين الدول الثالث جعل من مستقبل سورية السياسي محط مؤتمرات بلا نتائج لعدم اقتناع الروس والإيرانيين بأيّ تعديل في طبيعة النظام القائم على شخص الرئيس الأسد ناهيك عن تأجيل أميركا البحث في الموضوع ريثما تنضج ترتيبات منطقة الشرق الأوسط وفق استراتيجية جديدة ولصالح دول تتمتع بحيويات القيادة ومن ضمن هذه الدول إيران على أن تخصع لمتطلبات الإتفاق النووي الجديد .
بدا النظام السوري أكثر حضوراً من المعارضات السورية بعد أن تمّ له ما تمّ من التفاهمات المذكورة ومن الرغبات الملعونة لأميركا واسرائيل وهذا ما جعل من أسهم الثورة هابطة بعد 15سنة ولا رجاء فيها ولا أمل يحركها بعد أن تكيّف السوريون مع أوضاعهم الجديدة سواء في سورية أو خارجها سياسياً واجتماعياً وفي مصادر الرزق أو الإرتزاق .
لولا جنون بوتين لما استفاق السوريون المعارضون من كبواتهم وقد منحهم أمل الإطلالة من الجديد على المشهد السياسي ومن الخشبة الأوكرانية الملتهبة بنيران بوتين الذي وجد أمام دبابته حصاراً سياسياً غربياً وعالمياً زاد من رغبة أميركا في الدعوة إلى تحجيم الدور الروسي وهذا ما أحيا تفاعلاّ ما مع السوريين في مقارنة أوكرانيا بسورية على ضوء الهمجية الروسية من قبل الشعوب والدول التي وجدت في الدعوة القصيرية لإمبراطورية جديدة تهديداً للعالم.
التقطت المعارضة السورية النائمة إشارات المرورالممكنة لتدويل الملف السوري من جديد وكانت المطالبة من جديد بتسليمها الكرسي السوري في الأمم المتحدة خطوة استكملت بخطوة المطالبة أيضاً بكرسي سورية في الجامعة العربية ونشطت حركة الإتصالات مع الدول المؤثرة لكسب مواقف جديرة بتصحيح الخلل القائم على حساب الشعب وثمّة من يرى إمكانية فتح جبهات داخل سورية لتغيير وتعديل موازين القوى وقد استشعر النظام حجم الثغرة الأوكرانية في سورية ففتح مع ممثل الأمم المتحدة لسورية ضرورة الإسراع في تنشيط الحل السياسي ولا مانع من مشاركة " اسرائيل" كما صرّح معارض سوري مطلع على مادار من حديث مابين ممثلين عن النظام وممثل الأمم المتحدة لسورية .
يبدو أن سورية ما بعد أوكرانيا ليست كما كانت قبلها لذا ترى المعارضة بأن رياح التغيير قادمة إليها .