بعد طول هروب بان السادة النوّاب وباتوا قريبين من الناس الناخبين وعادوا إلى خطبهم الطائفية المشحونة بالسُم وإلى وعظهم الحزبي المشحون بالبغض والكراهية والتخوين والترهيب واستفاقوا بعد نوم عميق تجاوز نوم أهل الكهف والرقيم وبعد أن دبّت فيهم نخوة الإنتخابات وما تحتاجه من دف وطبل ومزمار وقراءة أحجية فتوزّعوا مثى وفرادى في كل واد مطلقين صيحاتهم وزعقيهم استغاثة ملهوف ومذعور ونجدة لصوت تفضيلي هنا وحاصل هناك كي تثبّت مساميرهم في كراسي النيابة .
فجأة ظهروا على الشاشات وأمام المارة وعادوا إلى منابرهم المحتكرة وعاظ أمن وسلام وطمأنينة لغد تضاء فيه الكهرباء بدل الشموع وتستمطر فيه الأرض لريّ كل عطشان ويعود لبنان أفضل مما كان عملة وطنية وسلعة رخيصة وحركة سوق ناشطة وتتبخر فيه كوابيس الدولار والغلاء وأزمات البنزين والمازوت والغاز شريطة عودة النوّاب إلى كراسيهم ورواتبهم المضاعفة وخدماتهم العالية الجودة .
ما على الناس سوى التصويت مجدداً لمن قطع الكهرباء والماء ومنع البنزين والمازوت والخدمات كي تعود حياة الرفاهية من جديد من الدواء إلى الإستشفاء إلى الكرامة المفقودة والتي سُلبت بفعل نائب .
هاموا وقاموا من أجداثهم صراعاً كأنهم الفراش المبثوث وهم يتوعدون النصر والظفر على عدو لم نعرفه بعد طالما أنّهم هم ذاتهم أهل الطبقة السياسية وثمّة من يتفرّغ لشحذ الهمم والمطالبة بكل صوت وفي كل منطقة لتحقيق الفوز ولكن على من ؟ سؤال مفقود الإجابة الفعلية ومعلوم في الإجابة الشكلية التي تحدّد العدو بطرف تتقاسم معه السلطة في الحكومات وفي وأد الثورات وتحتكر معه التمثيل السياسي طائفياً وحزبياً وتتضحاك معه في المجلس النيابي وتفترش معه مغانم الوزارات وتتحاصص معه المؤسسات والخدمات وتجتمع معه لردع محاولات النيل من هذا النظام العفن والفاسد .
هنيئًا لكم لقد طبتم وطابت أرض النفاق معكم خذوه رهينة وجعلوه وديعة فما عاد يغري أحداً لشدّة افتقاره لمواطنيين وطنيين وبعد أن أمسى أفقر من الصومال وأرخص من أيّ صحراء لاحياة فيه وماعادت الأحلام تأتينا والآمال نرتجيها لقد استنزفنا كل الرهانات على مستقبل لستم فيه فما عادت تسلينا الرغبة في ولادة جديدة لوطن خنقتموه ودولة قبضتم عليها وباتت أسيرتكم تلعبون بها كما شئتم وتتقاذفونها ككرة في ملاعب جيوبكم.
لاجدبد في فوزكم المرتقب ولا عبرة في نتائجكم سوى التأكيد على خنوع شعب وخضوع طوائف ونذالة ناخبين يطمعون بعلبة سردين وتنكة بنزين لذا لا يهزنا ما يهزكم من جزع وقلق على ربح عبد أو خسارته في سوق النخّاسة وسنتفرج عليكم وأنتم تتدافعون بالرؤوس والأقدام على الصناديق وأنتم تكبون الأموال على إنتخابات الفرجة لصنع مجلس من جنس واحد ومن قماشة واحدة وهي مفصلة وفق مقاييس طائفية يظن الغافلون أنهم فازوا بأكثرية جربوها أكثر من مرة وتبيّن فشلها من خلال مشاكلهم التي لا حصر ولا نهاية لها من البلطجية الى يدق راسو إلى الشتم المتبادل مابين الوسط ومعراب صعوداً باتجاه الجبل .