في الخطابات اليومية لنوّاب وقادة حزب الله، والتي تزداد وتيرتها كلما إقترب موعد الإنتخابات، هناك تركيز على منطق التخوين لكل من تسوّل له نفسه بأن يخوض الإنتخابات بشكل ديمقراطي في وجه مرشحي حزبالله، وإعتباره عميل مكلّف من العدو أو من السفارات لكسر "المقاومة" ومحاصرتها ونزع سلاحها، وحزب الله يعلم علم اليقين بأن من يخوض الإنتخابات في وجهه، ليس عميلاً وليس مكلفاً من السفارات، لا بل هناك مرشحين ومرشحات لهم صولات وجولات في مقاومة الإحتلال قبل تأسيس حزبالله وبعده، ومع ذلك لا يتورعوا عن وصمهم بالعمالة، من أجل تحريض جمهوره وشد عصبه ودفعه لإنتخاب مرشحيه دون الإلتفات إلى فشلهم في الحكم، وعجزهم عن إخراج البلاد من الإنهيار الكبير الذي وصل إليه بسبب المنظومة السياسية الفاسدة، التي يشاركها حزب الله الحكم، ويتولى حمايتها من الشعب الذي ثار في وجهها وكاد أن يسقطها لولا تدخل حزب الله وقمع الثورة بالقوة. لا يكلّف حزب الله نفسه بتقديم أي برنامج إنتخابي، بل يكتفي برفع شعارات تثير الغرائز وتعطّل العقول معطوفة على التخويف والتخوين والتحريض، تصل إلى درجة معاداة الجار لجاره وتخوين الأخ لأخيه، ورفع منسوب العداوة بين أبناء البلدة الواحدة، كل ذلك بهدف الفوز بالإنتخابات، مع العلم أنه عند إنتهاء الإنتخابات وإعلان النتائج، إذا كانت لصالح حزب الله، يقول يجب الإحتكام لنتائج الإنتخابات، وإذا كان لصالح خصومه كما حدث سنة ٢٠٠٥ و٢٠٠٩، يقول بأن نتائج الإنتخابات لا يمكنها تغيير التوازنات في البلد وينادي بحكومة وحدة وطنية، وإذا تعذّر ذلك، يذهب لإستخدام السلاح كما حدث في ٧ أيار ٢٠٠٨.
اليوم خرجوا بشعار جديد يقول "الإنتخابات القادمة كحرب تموز"، وذلك بهدف تجييش الجمهور ودفعه لإنتخاب نفس الوجوه دون محاسبتهم على فشلهم الذريع في الحكم وفي التشريع، وشعار آخر يقول " إقهر نتنياهو وإقترع للمقاومة"، هذا الشعار يعني تخوين كل من يترشح بوجه الحزب بشكل مباشر وعلني، وفيه هدر دمّ يعرض كل المرشحين للأذى الجسدي المباشر، عدا عن الأذى المعنوي والتشهير وتشويه السمعة. كما يعمد بعض قادة حزب الله لإستخدام مقال أو تصريح ينشره إعلام العدو، لتأكيد منطقهم التخويني، والقول بأن العدو يدعم خصوم حزب الله ويراهن عليهم لكسره ومحاصرته في الداخل، لكن السؤال: لصالح من نشر مثل هذا الكلام، ومن الذي يستفيد من هكذا تصريحات، ومن يستخدم تلك التصريحات في معركته الأنتخابية؟؟ بالطبع حزب الله هو المستفيد الأول، والمتضرر الأول هم خصوم حزب الله، وبالتالي يكون العدو بتصريحاته هذه يخدم حزب الله ويسهّل عليه عملية التخوين لكل خصومه. ثم أن خبرة حزب الله في مواجهة العدو الإسرائيلي، ومعرفته بطبيعة هذا العدو كما يدّعي، يجب أن تدفعه لقراءة تلك التصريحات على أنها محاولة من قبل العدو لإثارة الفتنة بين أبناء الشعب الواحد، والرد على العدو يكون بتسخيف هذه التصريحات وعدم الوقوع في الفخ الذي ينصبه العدو، لكن حزب الله يتلقفها ويستخدما ضد خصومه.
سؤال آخر يطرح نفسه: أي تقع مصلحة العدو الإسرائيلي؟؟؟ بفوز المنظومة الفاسدة التي دمّرت لبنان وجوّعت وهجّرت وأذلّت شعبه، وفجّرت مرفأ بيروت لصالح مرفأ حيفا، وقضت على القضاء والتعليم وكل القطاعات المنتجة، أم بفوز خيار آخر يحمل دمّ جديد، لديه النية والإرادة بحماية الوطن وإعادة بناء الدولة وتعزيز المؤسسات وتفعيل الإقتصاد وتنشيط السياحة؟؟؟
مصلحة العدو الإسرائيلي المباشرة هي ببقاء هذه المنظومة، لأنها حققت غاية العدو بتدمير لبنان بالنيابة عنه، كنموذج يتناقض مع طبيعته العنصرية، لا بل ذهبت هذه المنظومة بعيداً في إجرامها وفسادها، ودمّرت كل ما عجز العدو عن تدميره من خلال كل الإحتلالات والحروب التي شنّها على لبنان.