وجّه الصحافي والوزير السابق باسم السبع رسالة للشّهيد الرئيس السابق رفيق الحريري، في ذكرى استشهاده قبل سبعة عشر عاماً، حيث وجد السبع فيها مناسبة لإطلاق ما يختلج في صدره وحناياه من مشاعر واحاسيس ومشاهد سياسية اتّجاه آل الحريري( الوالد الشهيد رفيق الحريري وولديه سعد وبهاء)، وتبدأ رسالة السبع بنعي لبنان ومؤسساته، تلك التي أفنى الشهيد رفيق الحريري عمره في بنائها وصيانتها، كما ينعى شعبه الطّيب، هذا الذي كان قد استودعهُ الحريري الله سبحانه وتعالى، حتى جاء شياطين السياسة واختطفوهُ من بين يديه ورموهُ في غياهب الجُبّ والمصارف والمافيات على اختلاف طوائفها وأشكالها.
بعد هذه المقدمة ينتقل السّبع لبثّ شكاوي الرئيس سعد الحريري لوالده الشهيد، فالحِمل الذي ورثهُ سعد كان ثقيلاً، وكيف لا يكون وهو إرثُ رفيق الحريري، لذا لم يكن سهلاً على الإبن "المُدلّل" قيادة السفينة في محيطٍ من الرمال المتحركة، وكان طبيعياً أن يتهاوى الإرث المالي والعائلي تحت وطأة التّحديات بشتى أنواعها وتقلّباتها وأطماعها، واستنكف السبع عن سرد سلسلة من الوقائع والأخطاء والإرتكابات التي اقترفها سعد الحريري حتى "استُنفدت طاقتُهُ وصبرُه وطيبتُه ونُبله ومالهُ وسلامة مقاصده"، والتي تُوّجت منذ حوالي أسبوعين بخروجه من الحلبة السياسية اللبنانية مع غصّةٍ جارحة، وشعورٍ "بالظّلم الذي وقع عليه، وبالغدر الذي تعرض له، واليأس من التعاون مع قوى اليأس والإنكار والتّعطيل وفنون الكيد السياسي"، ويخلص السبع إلى غسل يدي سعد الحريري من تبعات وموبقات الفترة السياسية التي شغلها بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام ٢٠٠٥، والعجيب في الأمر أنّ صحافيّاً وسياسيّاً مخضرماً كباسم السبع يقفز بغباءٍ واضحٍ عن حادثة استقالة الحريري من رئاسة الحكومة في الرياض عام ٢٠١٧، وتداعياتها الدراماتيكية على الوضع الداخلي اللبناني والخارجي، ولم يفطن السبع، أو لعلّه تغافل أو تعامى، عن الخطأ الخطير الذي اقترفه الحريري بعودته عن هذه الإستقالة، وخروجه من بيت الطّاعة السعودية والإرتماء في أحضان الرئيس عون وصهره جبران باسيل، ليستقرّ بعد ذلك حَملاً وديعاً بين فكّي حزب الله، فلو أنّه بقي على كتاب استقالته ومُندرجاته( التي عبّرت عن استياء المملكة العربية السعودية من سياسة الحكومة الحريريّة الموضوعة في خدمة حزب الله)، لكان أشرف له وأكثر مصداقية، وأفضل بما لا يُقاس من غدره بأرباب نعمته ونعمة والده، والإنقلاب عليهم باتّهامهم باحتجاز رئيس الحكومة اللبنانية، وإرغامه على تقديم استقالته وإهانته، فكانت عودتُه عن هذه الإستقالة هي التي قصمت ظهر البعير، وأسّست لعداوةٍ مُستحكمة بينه و بين المملكة العربية السعودية.
ولعلّ ما لم يُفلح فيه السبع بتشخيصه لحالة الرئيس سعد الحريري السياسية، أفلح في تشخيصه لحالة أخيه بهاء الحريري، فطموح هذا الأخ الأكبر مُخزٍ جدّاً في نظر باسم السبع، فهو يقتصر على اختلاس إرث أخيه المكلوم والمهزوم، وهو لم ينتبه أنّ المُلك قد ضيّعهُ أخوهُ منذ زمن، وهذا ما لم يتنبّه له باسم السبع أيضاً، مع أنّه كان قد أشار إلى ضياع لبنان في مقدمة رسالته، إلاّ أنّ السبع كان على صوابٍ وحقّ، بأنّ كل ما أقدم عليه بهاء الحريري لوراثة أخيه، هو شراء خدمات شاشتين تلفزيونيّتين كبيرتين، ووجوهاً إعلامية تعمل على القطعة، وبعض الأزلام اللاهثين خلف الأدوار و"المال"، وهذه الخطوة "الطائشة" لم تكن أكثر من صفقة خاسرة وبهورة إعلامية تافهة، كما بيّنت وقائع السنة الماضية، ولعلّ ردّ الإعلامي ماريو عبود على رسالة السبع بالأمس، لم تكن سوى دليلٍ إضافيٍ على مهزلة شراء مساحات إعلامية لا تُغني ولا تُسمن من جوع.