تراجعت أخيراً حدّة التوتر السياسي والإعلامي بين «حركة امل» و«التيار الوطني الحر»، على وقع تكهنات البعض بأنّهما قد يجتمعان معاً تحت سقف تحالف انتخابي عريض برعاية «حزب الله»، «الوسيط»، الأمر الذي يستبعده المطلعون على تعقيدات علاقة حليفيه.
من هنا، يبدو أنّ التوقعات باحتمال حصول «مساكنة» انتخابية بين الحركة والتيار لا تزال سابقة لأوانها، ولا تعكس حقيقة ما وصلت اليه الأمور حتى الآن في ظل الوساطة التي يتولّاها الحزب.
ad
ليس بسيطاً بالنسبة إلى التيار والحركة اللذين خاضا أعنف المواجهات السياسية وتبادلا كل أنواع الإتهامات، ولم يترك احدهما للآخر اي «ستر مغطّى»، ان ينتقلا من خندق الخصومة الى رفقة انتخابية، لن يكون سهلاً عليهما تبريرها، وكذلك لن تستسيغها قواعدهما التي ستجد صعوبة في هضمها بعدما شُحنت طويلاً بكل المواد التعبوية.
ومع ذلك، يواصل «حزب الله» مسعاه على خط عين التينة وميرنا الشالوحي لمحاولة تذليل العقبات التي تمنع تلاقيهما في لوائح مشتركة، يطمح اليها الحزب الذي يفترض انّ ما تمثله الانتخابات النيابية المقبلة من تحدٍ كبير ومفصلي، يستوجب رصّ صفوف قوى الأكثرية الحالية، على قاعدة انّ هناك خيارات استراتيجية تجمعها ولو فرّقتها الخلافات المتراكمة حول الملفات الداخلية.
لكن الحزب يعرف في الوقت نفسه انّ مهمته ليست مضمونة، وانّ تجميع حلفائه المشتتين في مركب واحد إنما دونه نيات مضمرة وأزمة ثقة سياسية وغياب الكيمياء الشخصية وتضارب المصالح الحزبية وتفاوت الأولويات الداخلية، وبالتالي فإنّ ما بعثرته سنوات من النزاعات والانقسامات لن يلملمه بهذه البساطة موسم انتخابي، على رغم أهميته.
ad
وإذا لم ينجح الحزب في نسج ائتلاف انتخابي يضمّ الطرفين، فالأكيد انّه سيحاول ان يشكّل في حدّ ذاته، «منطقة عازلة» بينهما لمنع الاحتكاكات والتوترات، أقلّه خلال الفترة الفاصلة عن الانتخابات.
وتفيد المعلومات، انّ التيار سيفسح المجال أمام استمرار الأخذ والردّ حول فرص التعاون او التقاطع الانتخابي مع «أمل» برعاية الحزب، انما من غير التنازل عمّا يعتبر انّها «ثوابت» لديه، لا تخضع لأي مقايضة انتخابية.
وفي الانتظار، يكشف احد قياديي التيار، انّه «تمّ التفاهم على تهدئة متبادلة مع «أمل» وتبريد لحرارة خلافاتنا، بحيث لا نهاجمهم ولا يهاجموننا أقلّه حتى الانتتخابات النيابية».
اما الوصول إلى أبعد من ذلك، فيحتاج الى متطلبات ضرورية ليست متوافرة بعد، وفق القيادي إيّاه، موضحا انّ الحزب يسعى الى إيجاد «قواسم انتخابية مشتركة بيننا وبين الحركة، لكن لا شيء محسوماً بعد، ومن المتوقع ان تتضح الصورة مع اواخر الشهر الجاري».
ويقرّ القيادي بأنّ التيار غير متحمّس لما هو مطروح لغاية الآن، وليس مقتنعاً بالانخراط في «تجميعة انتخابية» لكسب بعض المقاعد، مشيراً الى انّ الناس أصبحوا لا يتقبّلون التفاهمات الانتخابية الفوقية، «وبالتالي يجب أن تتمّ محاكاتهم عبر مقاربة الأمور التي تهمّهم والمتعلقة بحقوقهم وهمومهم».
ad
ويعتبر انّه لم يعد جائزاً التصرّف من منطلق حسابات مرحلية وظرفية كتلك التي تواكب الانتخابات النيابية، «بل ينبغي أن يكون هناك مشروع واضح يتمّ على أساسه التحالف او الافتراق»، مشدّداً على انّ «ما يعنينا هو الموقف من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ومصير أموال المودعين المحتجزة، ومكافحة الفساد، واستعادة الأموال المهرّبة، والقوانين الإصلاحية، فهل نستطيع أن نجد أرضية مشتركة مع «أمل» حول هذه الملفات؟».
ويضيف القيادي في التيار: «هذا هو المعيار الأساسي الذي ينبغي أن يحكم النقاش حول أي تقارب بيننا وبين الحركة، لأننا نريد بالدرجة الأولى أن نبقى منسجمين مع أنفسنا وطروحاتنا، وبعد ذلك تأتي الاعتبارات الانتخابية المتصلة بزيادة مقعد هنا أو هناك».
ويتساءل القيادي: «اساساً، الى أي حدود تستطيع «أمل» ان تذهب في التعاون معنا على الصعيد الانتخابي؟ هل ستدعم التيار في الشوف بدل وليد جنبلاط؟ وهل ستتنازل لنا عن المقعد الماروني في جزين؟».
ويلفت الى انّ المكان الوحيد شبه المضمون الذي يمكن أن يستفيد منه التيار عبر التحالف مع «أمل» هو دائرة بعبدا، ملمّحاً الى انّ الامر لا يستحق العناء، ولذلك يبقى الأساس - في رأيه - الاتفاق السياسي لا المقاعد النيابية، «إذ من المعروف انّ الحصان يوضع أمام العربة وليس خلفها».
ad
ويؤكّد القيادي البرتقالي انّ «تفاهمنا مع الحزب باقٍ ومستمر على المستوى الاستراتيجي، ونحن سنتحالف انتخابياً حيث يمكن، ولكن نتمنى منه ان لا يضغطنا ببعض أصدقائه وحلفائه، إذ نحن وقّعنا وثيقة تفاهم معه وليس الآخرون».