في الوقت الذي تتزايد التكهنات السلبية حول مصير الانتخابات النيابية في الربيع، جرّاء خروج الحريري وتيار المستقبل من المشهد الانتخابي، بالتوازي مع حديث يتردد في بعض الاوساط عن ان الحريري سيستقر نهائياً في دولة الامارات العربية المتحدة، فإنه في موازاة ذلك، تتسارع التأكيدات لدى اكثر من مستوى سياسي ورسمي لإجراء الانتخابات في موعدها وعدم تأجيلها تحت أي سبب أو عذر او ذريعة.
ad
واللافت للانتباه في هذا المجال، أنّه على الرغم من الحسم الذي اطلق فيه الحريري قراره، الا انّ بعض المستويات السياسية تخالف كلّ ما هو سائد من روايات في الداخل والخارج، واحاديث عن فيتوات اقليمية فرضت انكفاء الحريري وتياره السياسي، حيث أنّها لا تقطع الأمل في امكان بروز ظروف جديدة في المرحلة المقبلة، من شأنها أن تعدّل من موقف الحريري. ذلك ان السياسة متحركة ولا شيء ثابتاً فيها.
وفي هذا السياق، أبلغت مصادر سياسية مسؤولة إلى «الجمهورية» قولها إن ما استجد لا ينبغي التسليم به واعتباره أمراً مقضياً، بل الاساس الذي يجب أن يبقى هو ابقاء التوازن الداخلي على ما هو، ومن هنا فإن الحفاظ على هذا التوازن، ومنع أي اخلال فيه يصيبه، يوجبان أن يُعمَل من الآن على قاعدة ان الصورة السياسية الداخلية لا تكتمل الاً بوجود الحريري وتياره السياسي في الحياة السياسية، وبالتالي العمل على جعل هذا القرار قابلاً للتعديل والتراجع عنه. لا شك أن هذا الامر صعب، ربطاً بإصرار الحريري عليه حالياً، الا انه ليس مستحيلاً إن جرى الركون الى الضرورات الوطنية التي تحتّم تعديلاً في المواقف.
واذا كان بعض الاطراف قد اعتبروا خروج الحريري فرصة لوراثته سياسياً ونيابياً، وقد بدأت بعض الاصوات ترتفع في اتجاه القول ان خروجه من الساحة ليس نهاية الدنيا، فهو اتخذ قراره، وهو يتحمل مسؤوليته. ولا يجوز تحميل البلد وزر هذا القرار وتبعاته وتداعياته. فيما بدأت قوى سياسية في مغازلة قاعدة تيار المستقبل وتوجيه الدعوات لها للتنسيق الانتخابي.
ويأتي ذلك بالتزامن مع بيان الناطق بإسم الخارجية الفرنسية الصادر امس الاول، الذي كان لافتاً للانتباه في مضمونه الذي حمل دعوة غير مباشرة الى تجاوز انكفاء الحريري والتعامل معه كمسألة شخصية، حيث اعتبر ان قرار الرئيس الحريري «يعود له، ونحترمه ولا يعود لنا التعليق عليه. ويجب ألا يؤثر ذلك في ضرورة إجراء الانتخابات التشريعية اللبنانية في موعدها المقرر في 15 أيار، بشفافية وحيادية».