لا وجود للأسياد بدون عبيد ولا تتوفر طبقة العبيد بدون أسياد في التجربة التاريخية وفي اللغة أيضاً لذا تمشي الكلمتان معاً ولا مجال للفصل بينهما سواء بقوّة فصل إرادية أو غير إرادية حتى الأمم المتحدة لا تملك قوّة الفصل بين الإثنين لأنهما متلازمان والواحد منهما يبرر الآخر وجوداً ومضموناً ومتى انفصلا انتهيا ولم يعد لهما من الحيّز مكانا ً في الوجود .
ما تلفظ به رئيس كتلة الوفاء للمقاومة وأفصح عنه من على باب القصر الجمهوري يعكس صدق القلوب ويوصّف حال اللبنانيين دون مرية ودون تقية وفي هذا نبل القول في جعل اللبنانيين مصنفين ما بين أسياد وعبيد أي انه إقرار واضح بوجود طبقتين واحدة حاكمة وهي طبقة الأسياد وواحدة محكومة وهي طبقة العبيد وهو تبني واضح لفقه الرق ولتجربة الرقّ في الإسلام خصوصاً وفي الإقرار جرأة في الإلتزام بقواعد الحكم في الإسلام دون الهروب منها خيفة من الرأي العام كما يفعل الكثيرون من الإسلاميين المتنكرين للرقّ وما يماثله من أحكام تستحي منها حركات الإسلام السياسي في العلن على خلاف الجهاديين الذين يؤمنون بها ويعملون بأحكامها دون حرج بل برضا كامل باعتبارها أحكاماً تعبدية .
على العاقلين في لبنان أن يشكروا القائلين بالأسياد والعبيد لأن في ذلك توضيحاً لعقيدة تكاد أن تنسخها قاعدة الضرورات وطبيعة العمل السياسي التي تأكل من العقيدة لصالح السياسة وما تبيحه من كذب أجازه الفقهاء للتخلص من الإحراج أو لمصلحة ما تخدم الإسلام في وجوهه المتعددة .
نعم إنهم أسياد السلطة التي أوصلت البلاد إلى جهنم وهم مكرشون متنعمون بكل ما في الحياة من متع وقد جمعوا من الزينة ما لم يجتمع لأسياد أخرى من خلفاء بني أميّة الى بني العباس وشهاداتهم في هذا المجال حيّة والملفات المحمولة على ظهر أبي صابر الحكومات المتعاقبة كافية للتدليل على ما فاقت به طبقة الأسياد في لبنان طبقات الأباطرة والقياصرة في كل جهات الأرض بحيث امتلكوا عناصر الطبيعة من ماء وهواء وتراب وهذا ما لم يصح لصنم من أصنام الأمم بل إنهم امتلكوا مشيئة العبيد وفعلوا بها ما يشاؤون دون سخط بل إن المملوك أقرّعن وعي وعن طيب خاطر لمملوكه حرية التصرف به وفي هذا تماه جديد لم يحصل مع أي عبد آخر في التاريخ القديم والحديث باعتبار الأسياد قد طوّروا من طرق الرقّ الجديد فجعلوا العبد بلا سيّد ناقصاً غير كامل لذا يسعى العبد نحو تكامله مع سيده كي يبلغ ذروة العبودية .
نعم نحن من العبيد طالما أن الأسياد هم أصحاب السلطة والمال والقوّة والقدرة والمشيئة وهم يملكون صناعة الموت من عجين الحياة في وقت نفتقر فيه كل المقوّمات المذكورة لأننا لا نملك شيئاً من عناصر القوّة ولا إمكانية متوفرة لنا كي نكون من قبيل هؤلاء وهذا إقرار منا وواضح أيضاً بانتمائنا الى الطبقة الأخرى غير الحاكمة و الآمرة ، والتي لا تملك سوى قرص من قرصيّ "علي" عليه السلام وتُمر واحد من طمريه ومظلومية كمظلوميته عندما نهشت به أضراس القوم من الأسياد و التجّار .