عودة وزراء الثنائي الشيعي إلى مجلس الوزراء بعد ثلاثة أشهر من تعطيل المعطّل ، وببيان مقتضب صاغه الخليلان بمفردات هزيلة كونها مضحكة . اذ لم يعد هناك من يغفل عن قول سطحي لا يلامس الحقيقة التي ابتكرها وابتدعها الثنائي لقبع قاضي التحقيق ، وتعين قاض آخر يبحث بطريقة مختلفة عن حقيقة لا يراد لها أن تظهر داخلياً ، ولا خارجياً لغايات متعددة .
يعد عنتريات لم تضغط على الحليف جبران باسيل بقدر ما زادته تمسكاً وثباتاً ، وعدم رضوخ لموقف حزب الله الحاسم والحازم من قضية القاضي بيطار. كما أنّها لم ترغم الرئيس ميقاتي على التجاوب مع موقفيّ الثنائي رغم ممارسة أقصى الضغوط عليه حكومياً وأقساها إحراجاً له مع محيطه الطائفي ، ومع محيطه الخارجي ، والعربي تحديداً . عاد وزراء الثنائي عودة البطل الضال إلى حضن الحكومة طوعاً لخسارة في موقف . يبدو أنّه غير مدروس ، أو انه منفلت من عقال العقل الشيعي( دولة الرئيس نبيه بري ).
أن تخسر في السياسة شيء طبيعي، ولكن في سياسات كبرى أو بوجه حسابات أكبر من حساباتك ، وأن تأتي الخسارة ممن يوازيك وعياً ففيها من المقبولية ما تسترعورة الخسارة، وكل خسارة مبررة للصغار، ولكنها فادحة وفاضحة للكبار .
لا عتب على حزب الله كونه لا يجيد السياسة بقدر ما يجيد العسكر. لذا لا تحبس خساراته السياسية مهما كثُرت في قفص الإدانة ، ولا يتم التعاطي معها كنقص ممتلىء في كوب لا ماء فيه ، ولكن العتب على قدر المحبة للرئيس بري باعتباره آخر السياسيين في لبنان ، وفريد المشهد السياسي لأكثر من ثلاثين سنة بحيث فضح الآخرين من الأقربين إلى الأبعدين فبانوا تلاميذ صغار، وخاصة نوّاب المجلس. لذا تشعر بأسف عندما يتم اتخاذ موقف صغير وتفصيلي وتخسره ، وتحاول ترقيعه بطريقة لا تليق بالكبار، ولا بصنّاع السياسة، وهذا ما يدل على وهن يصبح الرهان فيه صعباً على المتمرّس السياسي من جديد. بعد هبوط اضطراري أو طوعي في الحكمة ،أوالملكة التي يملكها .
كان تعليق المشاركة في الحكومة أكثر من خطأ باعتبار الحكومة هي صناعة الثنائي الشيعي. اذا كيف يعطّل الثنائي حكومة هو أولدها ؟ وهذا ما يجعل المسؤولية التي دفعتهم الى العودة قد وقعت عليهما دون غيرهما .لأن الأطراف، والقوى الأخرى هي بنظر اللبنانيين مجرد ديكور لا أكثر. كما أن العالم أجمع يعتبر أن لبنان محكوم من قبل الثنائي الشيعي، وتعاونهما أ حزاب أخرى دون أن يكون لها الخيرة من أمرها إلا بالقدر الذي تنتهز فيه الفرص لأخذ ما لا تستطيع أخذه في ظروف أخرى. تماماً كما يفعل جبران باسيل الذي يستغل حاجة حزب الله إليه فيأسر الحزب في الساعات الحرجة كما بدا ذلك في قضية القاضي بيطار .
كما أن العودة تحت مبرر خدمة الناس وأزمة الدولار وتحميل الثنائي مغبات الوضع الإقتصادي كانت صدمة لأنها عكست كما ذكرت بؤس سياسة الثنائي الشيعي وهذا ما لا نرضاه للعقل السياسي الشيعي الذي تمايز طيلة سنيين طويلة برؤية ثاقبة سواء كنا معه ،أو اختلفنا فيه .