أصبح ثابتاً عند اللبنانيين أن جبران باسيل يقود مرحلة العهد ، وهذا ما ردده معظم أصدقاء الرئيس المتنكرين له بعد حين من "جبرنة" التيّار، والعهد، وأكثر الحزبيين الخارجين عن التيّار لسوء سياسة المرحلة الجبرانية ، ولا داعي لذكر غير حلفاء الرئيس وتياره لأن في ذلك بداهة الخصومة . لذا تصبح دعوة الرئيس إلى طاولة الحوار ملتبسة في ظروف أحوج ما يكون فيها جبران باسيل إلى عون يحسّن من صورته التي ساءت بشكل لم تعد المساحيق تلبي شروط تحسينها .
من علامات الحاجة الجبرانية إلى طاولة حوار تسنده فقدانه لكل الحلفاء بمن فيهم حزب الله على عتبة انتخابات نيابية لا يمكن خوضها بدون تحالفات بعد أن فقد سيطرته على الشارع المسيحي الذي هيّجه بوسائل متعددة ولم تنجح محاولاته في دغدغة المشاعر الطائفية والعصبية والفئوية في وقت يغرق فيه المسيحيون وأكثر اللبنانيين دون نجدة أو إغاثة بل يمعن التيّار الذي يقود البلاد في حسابات شخصية متمحورة حول مستقبل باسيل السياسي و إمكانية الحصول على وعود مسبقة بوراثة رئاسة الدولة كما ورث التيّار .
استفاق البعض من اللعب مع التيّار، وقررعدم تلبية الدعوة . في حين تجاوب معها الثنائي الشيعي باعتبارهما حجر آثافي العهد والسلطة برموزها الثلاثة إضافة منهم لتأكيد التمايز عن الراغبين بمقاطعة طاولة الحوار لتثبيت حالة الإختلاف معهم ، وتأكيد خطوة إلى الأمام مع الرئيس بعد أن تراجعا خطوتان إلى الوراء مع جبران باسيل .
علماً أن الحوار لا يمس موضوع البلاد والعباد لأن الطاولة أعجز من أن تحلّ أزمة النفايات، ولا هي مرتبطة بالإستراتيجية الدفاعية لأن الطاولة بعيدة عن مطاولة هذا الموضوع ، وبالتالي فإن العناوين المطروحة علناً أو المستورة لا تفي بغرض . بقدر ما تسمح لمكونات السلطة والحكومة تحديداً من إيجاد المخرج المطلوب لعودة جلساتها بعد تعليق محرج لوزراء غير محرجين خاصة وأن ما ساقته فرنسا من وعود سعودية أمسى ولم يعد بعد الخطاب الأخيرلأمين عام حزب الله .
إذن هي طاولة لجبر خواطر الصهر وهذا ما يريده حزب الله وتتماشى معه حركة امل لغاية في نفس السيّد لا في ما يدور برأس الأستاذ باعتبار خسارة التيّار للأكثرية المسيحية ستفقد الثنائي الشيعي ركيزة الأكثرية وسيبرز سمير جعجع كوريث وحيد للمارونية وهذا ما لا يتحمله الحزب باعتباره هزيمة تضع انتصاراته بين ظفرين وهذا ما يثلج صدر الصحراء العربية وما يرضي العرب كي يعودوا إلى لبنان من بابه لا من الباب الإيراني كما يقولون .
أسوأ ما في الحوار أنّه دعوة لرأب الصدع بين أرباب السلطة دون أن يكون هناك أيّ التفاتة تُذكر لما يعانيه اللبنانيون من حياة سيئة باتت جهنم التي وعدنا بها فلا من يرى الصعود السماوي للدولار ولا من يشاهد جنون الأسعار عوضاً عن فقدان أبسط وسائل العيش بحدود بداوته لأن يُسرالسياسيين كسا أعينهم عن عُسر المواطنيين وهيهات أن يرى الغني الفقير الجائع .