عاد السيد محمد عبيد( قيادي سابق في حركة أمل، ومفصولٌ منها)، لشنِّ هجومٍ عنيفٍ على الثنائية الشيعية خلال أسبوعٍ واحد، مُتّهماً إياها بتعطيل مؤسسات الدولة، والمساهمة(عن قصدٍ أو غير قصد) في تفاقم أزمات البلد الإقتصادية والإجتماعية والمالية والسياسية، والمعروف عن السيد عبيد سُخطهُ العارم ضدّ الرئيس نبيه بري، الذي انحرف (وفق ما يعتقد عبيد) عن أهداف ومرامي مؤسّس حركة أمل السيد موسى الصدر، هذه الأهداف التي كانت تنزع نحو قيام دولة لبنانية، كاملة السيادة والاستقلال والكرامة الوطنية،( مع تأمين مصالح الطائفة الشيعية ضمن النظام الطوائفي السائد)، مع حرص عبيد على توجيه بعض رسائل اللّوم والعتب على حزب الله لاستنكافه عن خوض معارك الإصلاح والتّطهير في مؤسسات الدولة اللبنانية المتهالكة، والإصرار على تحالفاته المُريبة مع أرباب الفساد ونهب المال العام والاثراء غير المشروع وصرف النفوذ وتكديس الثروات( الرئيس بري والوزير جبران باسيل)، مع اعتراف عبيد الدائم بدور حزب الله البطولي في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، والوقوف في وجه الأمبريالية الأميركية.
اليوم، رفع السيد محمد عبيد لهجة التصعيد عالياً في وجه حزب الله، طالباً منه أن يفُكّ عُرى تحالفه مع حركة أمل ورئيسها نبيه بري، الذي يسعى لحماية أنصاره "الفاسدين" من مقصلة القاضي طارق البيطار، ويُطالبه جهاراً وبكلّ "وقاحة" أن يكُفّ عن استهداف البيطار، ليتفرّغ لمطاردة حاكم مصرف لبنان المركزي السيد رياض سلامة، مع ضرورة تنبيه قادة الحزب إلى أنّهم ليسوا طليقي اليد في حجز إرادة الطائفة الشيعية وقراراتها ومصيرها، سيّما أنّ مُعارضي الحزب داخل الطائفة يفوق نصف تعدادها، ناهيك عن تزايد أعداد معارضي سياسة الحزب في سائر الأحزاب السياسية والطوائف والجماعات، وأنّ على قادة الحزب(في رؤية عبيد) أن يتواضعوا ويكفّوا عن العناد والإستكبار، وأنّهم ليسوا وحدهم من يُقرّر سياسة البلد ومستقبله وأمنه واستقراره وسيادته واستقلاله، عليهم كما يدعوهم عبيد للتّحلّي بالحكمة والتّأنّي والإعتدال، والإبتعاد عن كلّ ما يفاقم أزمات البلد المنكوب.
جيّد جدّاً يا سيد عبيد، هذا لو كان قد تبقّى عند حزب الله احتياطيّاً كافياً من الحكمة والورَع والعقلانية والواقعية، فضلاً عن ما يلزم من التّحلّي بالمبادئ الوطنية، والنزاهة والشعور بالمسؤولية الأخلاقية، ولكن، ومع نضوب هذه المزايا ونُدرتها واضمحلالها، فعلى من تقرأ مزاميرك يا سيد عبيد؟! وقد نخرَ الفساد عظام الثنائية الشيعية، وعشّشَ في مسامها، بعد أن بات حزب الله أسير تحالفاته الإقليمية الجارفة، ورهين تحالفاته الداخلية المُشينة، أم أنّك على مذهب أبي نواس:
دع عنك لومي فإنّ اللوم إغراءُ
وداوني بالتي كانت هي الدّاءُ.