لم يكد امين عام حزب الله ينهي خطابه الصاروخي في احتفال الذكرى السنوية الثانية لاغتيال قاسم سليماني، والمركّز تحديدا بالهجوم العشوائي على السعودية ودول الخليج، ( مع ان المناسبة في مكان اخر ) حتى خرج وزير خارجية ايران امير عبد اللهيان بتصريح لقناة الجزيرة اقل ما يمكن ان يقال عنه انه في محل اخر ولا يشبه البتة مواقف نصرالله.
فتناول ( عبد اللهيان ) مباحثات فيينا مع الاميركي ( عدو نصرالله ) والدول المفاوضة بالكثير من الايجابية، كما وبشر بخطوات متقدمة في هذا السياق، منسجما بذلك بما ادلى به الفرنسي والروسي وكذلك الصيني، ومن جهة اخرى تناول عبد اللهيان العلاقات مع دول الخليج والسعودية ( مصدرة الارهاب عند نصرالله ) تحديدا بالكثير من الانفتاح والود، داعيا الى حوار مباشر يشمل حتى دول اخرى " فاعلة " كتركيا ومصر.
هذا التناقض الكبير والواضح بين الاداء الايراني من جهة واداء ربيبها نصرالله من جهة ثانية، فسّره كثيرون على انه توزيع ادوار، وبأن تشدد نصرالله وقصفه العشوائي على السعودية إنما يأتي من باب رفع السقوف خدمة لتحسين الشروط التفاوضية لايران( ولو على حساب مصالح لبنان واللبنانيين )، بينما رآى اخرون وانا منهم ان هذا التناقض الفاقع بين الموقف الرسمي الايراني ومواقف نصرالله هو تناقض حقيقي ناتج عن رؤى مختلفة في طريقة ادارة الصراع بالمنطقة، وقبول او رفض السُبل المطروحة على الايراني والايلة الى الوصول لخواتيم تسووية مفترضة.
فنصرالله لم يكن يوما يعكس رأي وتوجهات السلطة السياسية الايرانية ( رئاسة – حكومة – خارجية ) ، بل كان ولا يزال يعكس توجه الدولة العميقة في ايران والمتمثلة بالحرس الثوري حصرا التابع مباشرة للمرشد ولي الفقيه ، واكثر من ذلك لجنرالات وقادة الحرس من الرؤوس الحامية تحديدا، الذي يسير وفق اجندة ايديولوجية غيبية لا تؤمن الا بالقتال والجهاد والانتصارات والتسديد من اجل تحرير العالم و "تسليم الراية للامام المهدي " !!!
أعتقد بان نصر الله، بات يظن نفسه مؤثرا على السياسة الايرانية وعلى الحرس وحتى على توجهات المرشد نفسه، تماما كما اصاب الرئيس السابق احمدي نجاد الذي ظن هو الاخر بانه اصبح بموقع الند للمرشد ولا يأبه لاوامره ، فاذا به خارج المشهد السياسي كليا.
يبقى السؤال هنا هو عن اداء نصرالله في حال حسم المرشد خياراته الاستراتيجية التي تمليها عليه المصالح الايرانية وجاءت على غير ما يراه نصرالله بالذهاب الى توقيع اتفاق نووي جديد مع الاميركي وبالانفتاح على دول الجوار ومنها دول الخليج، هل سوف ينقاد نصرالله ام سوف تأخذه العزة بالانتصارات!!، وبالتالي سوف يتحول الى عبء على ايران ومساراتها الجديدة وبالتالي سوف يلحق باحمدي نجاد .... الايام القادمة كفيلة هي بالاجابة على ذلك .