جاءت زيارة وفد حركة حماس برئاسة خالد مشعل لوليد جنبلاط تحيّة فلسطينية موقعة بدماء شهداء كتائب القسّام وموقفاً داعماً لسياسات زعيم المختارة من القضية والمقاومة الفلسطينية وهذا ما أزعج تاهمي زعيم المختارة بالمقاولة وهذا ما أكّد على تمزّق وشائج العلاقة ما بين طرفي حركة المقاومة في لبنان وفلسطين بحيث تحرّك الطرف الفلسطيني بشخص قائده السياسي خالد مشعل وفق حسابات مختلفة عن حسابات الطرف لبنان في مرحلة تصاعدت فيها غبار الحرب الكلامية ما بين جنبلاط وحزب الله .
قصدت حماس زيارة جنبلاط في هذه المرحلة الساخنة وقصد تصريح خالد مشعل مدح البيك ليسمع القاصي والداني موقف المقاومة الإسلامية حماس من المختارة الوطنية والعربية والفلسطينية في ظل النيل من سمعة الجبل وحزبه وزعيمه وقصد وليد جنبلاط مدح حماس ليقدح بحزب الله عندما هنّأ حماس بنصرها على أرضها ورفضها التدخل في غير محيطها الفلسطيني .
ثمّة تصريحان مكملان لبعضهما البعض في الهدف والإستهداف وهذا ما يدفع الى قراءة نتائج زيارة محمّد بن سلمان لقطر والتي بدّلت الإتجاهات ووحدت الرؤية في مواضيع معينة وتأتي زيارة مشعل لجنبلاط بعيد زيارة ولي العهد السعودي من ضمن التصورات السعودية – القطرية لأن حسابات حماس السياسية محكومة بحسابات دولة قطر كما أن استقبال جنبلاط لخالد مشعل الرجل الأوّل عند قطر محفوف برضا المملكة وبين قطرية مشعل وسعودية جنبلاط تصبح الزيارة ذات أبعاد لا يمكن التعاطي معها كثرثرة بين حزبين في قضايا قومية بل هي ترتكز على قواعد جديدة في تركيب التحالفات في المنطقة على ضوء التقارب القطري – السعودي من ملفات أساسية ومن بينها الملف اللبناني .
من هنا يصح قول بعض المصادر بأن الإنتخابات النيابية في لبنان ستكرّس واقعاً جديداً منسجماً مع الخيارات العربية كي يعود العرب الى لبنان من بوابة النتائج الجديدة ومن قبل حلفاء أقوياء بعد أن تدنى حضور الموقف العربي وبات هشّاً ومهمّشاً لخضوع حلفاء المملكة خصوصاً لسياسة الصفقة واشتداد الحاجة عندهم للسلطة مهما كانت هزيلة .
شكل خروج القوّات اللبنانية من التزامات الصفقات السياسية دفعة واحدة رهاناً جديداً عليها من قبل المملكة العربية واستدع صوت وليد جنبلاط المرتفع ضدّ حزب الله رهاناً آخر ويبدو أن استبدال بهاء الحريري بسعد الحريري من شأنه أن يكمل منطق الرهان العربي على نتيجة مغيرة من طبيعة النفوذ في الوسطين السني و المسيحي .
ما علاقة مشعل بالرهانات المذكورة ؟ يبدو أن هناك موافقة أميركية على عودة ما للحركة الفلسطينية بعد أن جمدت والوجود الفلسطيني أكثر الأوراق الفاعلة والمؤثرة في السياسة اللبنانية وهو نار تحت جمرمن الرماد ويملك إمكانيات هائلة ولحركة حماس الوجود الوازن والفاعل في المخيمات والقدرة على تحريك ما يجب تحريكه كما تشتهي ضرورات التغيّرات القادمة مع فشل مفاوضات فيينا أو مع نجاحها لأن لكلا النتيجتين ترتيبات جديدة في منطقة لم تعد تحتمل بقاء الأزمات المفتوحة على ما هي عليه .