لم يعد هناك ما يقال بحق السلطة والشعب والأحزاب ما دام عدم الإكتراث سيّد المشهد سواء سببت وشتمت وبصقت أو جادلت بالتي هي أحسن جماعات المافيات المنتشرة في كل مفصل داخل البنية السياسية والإجتماعية والإقتصادية والتي تزوّدت بأسلحة قاتلة لما تبقى من بشر أسوياء ومن مواطنين صالحين غير مرتهنين لبائعي الدم والحليب والنفط والدواء وما احتكروا من سلع أمست حكراً على أغنياء دولة الطوائف والمزارع ممن أفاءت عليهم بركات السلطة من نعم لا تُعدّ ولا تُحصى .
مت أيها اللبناني الشريف لا مكان لك بين قوم التذوا مذاق الذهب والفضّة من ملاعق أحزاب متخمة ومترفة وقوتها المالية تفوق قوّة دول غير نفطية ولا مكان بعدُ لغير الحزبيين في بلد تسيطر عليه أحزاب الطوائف ولا إمكانية لهدم أسواقهم ماداموا يملكون بابوج الشارع وطربوش الدولة وثمّة تأييد خارجي لا حدود له لهذه الأحزاب التي تدّعي قتالاً للأجنبي الذي يدفع عنهم كل بلية داخلية ويحافظ عليهم محافظة الأمّ لأولادها .
هذه فرنسا ربيبة الإستعمار تجنح عند كل محنة للملمة أشتات الطوائف عند كل مفترق على حساب الصحوات الوطنية تماماً كما فعلت في لحظة تجلّت فيها الإرادة اللبنانية الصادقة مع ثورة إستثنائية كشفت عورات الحكومات والسلطويات وكادت أن تُحدث أمراً مفعولاً لولا تلاقي الداخل والخارج على حماية النظام الطائفي وتفريغ الثورة من محتواها من خلال حكومة دياب اللقطة ومن بعدها حكومة ميقاتي الفرجة في ظل كيدية سلطوية لا حدود لها تجاه الثورة من خلال رفض أي تصحيح في المسارين المتبعين في السياسة والمال بل استمرت الأحزاب على غيّها ولم تلتزم بأي عملية إصلاح حتى في اختياراتها الوزارية كانت سيئة بل أصرّت على ما تتقنه من خيارات تودي الى الفساد ومع ذلك يحرص الرئيس الفرنسي على تلميع أحذية السلطة مهما كانت سماكة الوسخ الذي يغطيها .
باع اللبنانيون لبنان لزعماء الطوائف ورؤساء الأحزاب ولشياطين التجّار من خلال مواقفهم الداعمة والمؤيدة الى حدّ الإستعداد بالتضحية دفاعاً عنهم ضدّ من تسوّل له نفسه الإعتراض على الجوع والفقر والعوز والغلاء حتى منعوا أن تذكر الدولار بالسوء وباتوا لكثرة ما في جعبهم من دولارات من أكثر المتشددين له وبات الهُبل الأميركي عملة ملائكية بعد أن كان عملة شيطانية مخربة لإقتصاد الدول والشعوب الفقيرة .
أثبت اللبنانيون أنهم أهل الكهف والرقيم ولن يستفيقوا مهما تزاورتهم شموس الحرية لأنهم عبيد أرقّاء لا يطيقون بُعداً عن أربابهم لذا بات الرهان عليهم رهاناً خاسراً ولا مجال لقيامتهم مادامت جلجلتهم طريق الأثرياء والأغنياء والمشعوذين وقادة البنوك و الأحزاب وأهل البكوات الجُدُد من صُنّاع السياسة الوافدة أو المقيمة .
كان اللبناني يفتخر بلبنانيته لأنّه علامة خاصة في الحرية مقابل أيّ علامة عربية أخرى حتى انتهى تاريخ الصنع القديم وجاءت الصناعات الحديثة لتعلّب اللبنانيين وتختمهم بعلامة تجارية رديئة قد تكون الأسوأ من أيّ صناعة عربية رخيصة معروفة بفساد محتوياتها . واليوم ينعم اللبنانيون في أغلبيتهم بنومة التنكة الطائفية ويرون فيها حياتهم الهانئة والهادئة كونهم اعتادوا على كرتونة الإعاشة التي تدفعهم الى دفع أثمانها بالموت لصالح هذا وذاك وذيّاك .