لا أحد يستطيع تحديد ماهية الدبلوماسية العربية وكيفية تركيبها وطريقة تحركها سواء كانت تابعة لأنظمة بوليسية قمعية محكومة من قبل العسكريتارية أو من قبل ملوك و أمراء وجواسيس سياسة يتقنون فنّ الخداع والكذب على شعوبهم وهذا ما يطال أغلب الدول العربية والإسلامية دون استثناء طالما أنّهم جميعاً من طينة وبلّة وملّة واحدة .
ليست الإمارات بإمارة بعيدة عن الحرب السورية بل هي إحدى ضلوعها الضالعة فيها وقد أسهمت كثيراً في دعم الثورة والدفع عربياً نحو القطيعة المطلقة مع النظام السوري لذا ليس من السهل أن تراها تعيد الخطى زحفاً نحو دمشق بحثاً عن علاقات جيدة وعودة ميمونة لنفس النظام المُحارب الى حضانة الجامعة العربية كما صفّقت لذلك الجزائر التي لم تقطع علاقتها مع النظام السوري إيماناً منها بمشروعية وبأحقية العسكر في قيادة السلطويات العربية .
كما مصر التي حاولت أكثر من مرة فتح كوة في جدار المقاطعة العربية للنظام السوري شأنها في ذلك شأن الجزائر إذ ثمّة التئام للعسكريتارية العربية عند كل مفترق طرق أو عند أيّ محاولة لإخراج العسكر من السلطة والدفع نحو دولة مدنية بكل ما للكلمة من معان و شروط .
أن تنشط الإمارات على خط دمشق في مرحلة الفشل الخليجي في حربيّ اليمن وسورية وفي ظل إعلان العراق عن خياره الحاسم صوب الفارسية لا العربية يعني أنّها تؤكد خسارات الخيارات الخليجية وتحاصر بذلك سياسات المملكة العربية المتمسكة بعروبة المنطقة ضدّ " التتريك" و ضدّ " الفرسنة " من خلال خصومة غير قابلة للتراجع في ظل تقدّم الدولتين التركية والإيرانية على حساب الدولة العربية كم هو معلن سعودياً بحسب المواقف الدبلوماسية للمملكة .
هل هو تباين واضح بين الإمارات و المملكة ؟ أو ان هناك سرّاً ما يجمع الدولتين عند حدود مشتركة دائمة الأمر الذي يجعل من التباين مجرد التباس مطلوب ؟
السؤال المستتبع بأسئلة كثيرة يضمر أكثر من إجابة لا تنفي بقدر ما تضع التجربة بينهما على خط ساخن كما هو حاصل في اليمن حيث الخلاف بين الإمارات و المملكة على أشده جرّاء سعي الولى إلى مصادرة اليمن الجنوبي سياسياً بطريقة تسلّم من خلالها بيمنين على الطريقة التاريخية بحيث يصبح اليمن الجنوبي يمناً محكوماً خليجياً و إماراتياً تحديداً ويبقى اليمن الشمالي محكوماً من قبل إيران وما يُعزّز من عملية التوافق على عودة اليمن الى يمنين لا نتائج الحرب القائمة فحسب وعدم قدرة التحالف على استرجاع ما بيد الحوثيين من مُدن وعدم قدرة إيران على إيصال الحوثيين الى عدن بل طبيعة العلاقات الإيرانية – الإماراتية الناشطة في أكثر من ملف و إن من موقع الإختلاف في الشكل لا في المضامين .
كم أن التباينات واضحة أيضاً في أكثر من عنوان ما بين الإمارات و المملكة وهذا ما برز لبنانياً اذا تبعت الإمارات المملكة في مواقفها الأخيرة من لبنان على خلفية وزيرين مسيئين لسياسات المملكة و الإمارات دون قناعة منها بقدر ما هو تماش مع السعودية التي سئمت من السياسة اللبنانية التي جعلت منها ملطشاً لصغار سياسييها .