مع تصلّب الموقف السعودي، يبدو أنّ لبنان قد دخل في مرحلة طويلة من الانتظار الصعب لجلاء الغيمة الخليجية عن أجوائه، وعودة العلاقات بين لبنان والسعودية وسائر دول الخليج الى سابق عهدها. ومع التصلّب السياسي الداخلي والافتراق الحاد في مقاربة الأزمات، دخلت الحكومة في وضع مربك لا تُحسد عليه، على حدّ تعبير بعض وزرائها، حيث بات من الصّعب عليها أن تجتمع في المدى المنظور، لوقوعها بين فكّي كماشة يضغطان عليها بقساوة شديدة، الأول من الباب القضائي وما يتصل بالخلاف حول التحقيق العدلي بانفجار مرفأ بيروت، والموقف من المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، والثاني من الأزمة الخطيرة الآخذة في التصاعد أكثر بين لبنان ودول الخليج.
وفيما تبلّغ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمس من المنسقة الخاصة للأمم المتحدة لشؤون لبنان يوانا فرونيسكا كل الدعم لحكومته وتشجيعها على المضي بالإصلاحات المطلوبة، قالت مصادر حكومية لـ«الجمهورية»، انّه على الرغم من الدعم الدولي لبقاء الحكومة واستمرارها في تحمّل مسؤولياتها في هذا الظرف الصعب، الّا انّ وضعها ليس سليماً على الإطلاق، ومفتوح على شتى الاحتمالات، جراء مواقف بعض الأطراف داخل الحكومة، في إشارة واضحة الى موقف «حزب الله».
ولفتت المصادر، الى انّ الرئيس ميقاتي كان واضحاً لهذه الناحية، حينما اشار في خطابه امس الأول في السرايا الحكومية، الى «حزب الله» من دون أن يسمّيه، وحديثه عن «نهج التفرّد والتعطيل الذي تعرّضت له الحكومة من داخلها، واستدراجها الى التدخّل في أمر قضائي لا شأن لها فيه». إضافة الى التعبير عن امتعاض من موقف الحزب من الأزمة المستجدة بين لبنان ودول الخليج، ومطالبته السعودية بالاعتذار».
وقالت المصادر، انّ «هذا المنحى يضع مطبات خطيرة في طريق الحكومة، كما انّه يتسبب في مفاقمة الأزمة، في الوقت الذي تُبذل فيه جهود ومساعٍ في غير اتجاه لاحتواء هذه الأزمة، والحدّ من تفاعلاتها، وصولاً الى إعادة الامور الى طبيعتها بين لبنان وأشقائه، وبالأخص مع المملكة العربية السعودية. وخصوصاً انّ لهذه الأزمة ارتدادات شديدة الخطورة على كل اللبنانيين من دون استثناء».
وبحسب المصادر الحكومية، فإنّ «معالجة الأزمة مع دول الخليج تشكّل الاولوية لدى رئيس الحكومة، وهو بالتالي لن يدخر وسيلة الّا ويلجأ اليها في الاتجاه الذي يعيد الامور الى سابق عهدها، ومن هنا هو يلقي بالمسؤولية على الشركاء في الحكومة لتقدير حجم الضرر الذي يلحق بلبنان جراء هذه الأزمة وتفاقمها، ويعتبر انّ مفتاح العلاج يكون بأن يبادر وزير الاعلام جورج قرداحي الى تغليب المصلحة الوطنية واتخاذ الموقف المنتظر منه، أي الاستقالة، باعتبار هذه الخطوة من شأنها ان تفتح الطريق في اتجاه معالجة كل ما يعتري علاقة لبنان بالسعودية وسائر دول الخليج».