كُنّا نعتقد، واهمين على ما يبدو، أنّ الطبقة السياسية الفاسدة التي تحكم هذا البلد المنكوب، قد اكتفت بتحصين أعضائها بما يلزم من الحصانات التي تقيهم شرّ العاديات وتحفظهم من غِيَر الزمان ومصائبه، عندهم حصانة للنّواب والوزراء والرؤساء، وحصانات إضافية في حال كونهم محامين أو أطباء، أو موظفين أو ينتمون للأسلاك الأمنية، بالإضافة إلى ما يلزم من "الحفاضات" لهم ولزوجاتهم، إذ بنا نتفاجأ بما في القضاء( الموضوع أصلاً في خدمتهم) ما يكفي من المتاهات والدهاليز والمطبّات والطُّرق الموحشة، وكان يلزم اللبنانيين جريمة بهول جريمة تفجير مرفأ بيروت النووي في الرابع من شهر آب عام ٢٠٢٠،ليكتشفوا بعضاً من هذه التعقيدات القضائية المُرعبة، فمن أجل كفّ يد المُحقّق العدلي القاضي فادي صوان، وبعده القاضي طارق البيطار، تنهال الطلبات والدعاوى "القانونية" لتعطيل العدالة وتضييع الحقوق، من طلبِ ردِّ أمام محكمة الإستئناف المدنية إلى طلب ردّ أمام محكمة التمييز الجزائية، فطلبات الإرتياب "المشروع" أمام هذه المحكمة أو تلك، إلى طلبات مخاصمة الدولة، حتى إذا حكمت غرفة من غُرف هذه المحاكم المتعددة الدرجات والإختصاصات بحُكمِ ما، تُنقلُ الدعوى إلى غرفة أخرى يرأسها قاضٍ آخر، وآخر بدعةٍ ل"قبع" القاضي طارق البيطار تقدّم المُدعى عليه الوزير السابق فنيانوس بدعوى ردّ أمام الغرفة 12 من محكمة الإستئناف المدنية، وبما أنّ رئيسها القاضي إيليا كان قد ردَّ دعاوٍ سابقة لعدم الإختصاص، جرت تنحيته عن الدعوى الجديدة، وتمّ تكليف القاضي مزهر، وهو بالمصادقة فقط، رجلٌ مطواع في يد الثنائية الشيعية، ومن دعاة "قبع" البيطار منذ زمنٍ ليس ببعيد، حتى إذا وافقتهُ إحدى القاضيتين اللتان تُشاركانه عضوية المحكمة ، فيسهُلُ عندها كفّ يد البيطار وضياع التحقيق بجريمة تفجير مرفأ بيروت من أساسه.
سيادة القاضي طارق البيطار: إذا قُيّض لك أن تنجو من نصل هذه المقصلة الأخيرة، أنجز القرار الإتهامي، فلن يحضروا أمامك للتحقيق، ولن تُنفّذ مذكرات التوقيف، وعندهم ما يكفي من الحِيل والألاعيب لقبعك وقبع من هو أكبر أو أصغر منك، أُنجُ سعد، فقد هلَك سُعيد.