حسناً فعل بالأمس قائد القوات اللبنانية سمير جعجع في ردّه على خطاب السيد حسن نصرالله أمين عام حزب الله قبل أيامٍ معدودات، فقد حافظ جعجع طوال الحوار مع الإعلامي السيد مارسال غانم على هدوءٍ مشوبٍ بالحذر الشديد، وختم اللقاء بالتّأكيد على الرؤية الوطنية لحلّ الأزمات السياسية الخانقة التي تحيط بالبلد من جميع جوانبه، وذلك بالإحتكام دائماً إلى المعالجات السياسية، بعيداً عن لغة السلاح والكردسة واستعمال القوة وفرض الأمر الواقع، لذلك نفى جعجع أن تكون القوات اللبنانية قامت بتدبير كمينٍ مُسلّح في حادثة "الطّيونة" المشؤومة، وألحّ على وجوب انتظار التحقيقات الأمنية، علّها تجلو الحقيقة، وتكشف خبايا ما حصل في الرابع عشر من تشرين الأول الجاري، ليتبيّن الغيُّ من الرّشد.
إقرأ أيضا: فخر إبن كلثوم بقبيلته بعد أن ناهز عدد مُقاتليها المائة ألف
أوضح جعجع في أكثر من منعطف ومناسبة خلال الحديث بعدم امتلاك القوات اللبنانية لأيّة هيكليّة عسكرية، أو استعدادٍ لذلك،طالما أنّ الدولة اللبنانية بجيشها ومؤسساتها الأمنية تمتلك العُدّة والعتاد، فضلاً عن الشرعية، لتأمين سيادة البلد واستقلاله وأمنه، وعليه فالقوات اللبنانية مُلتزمة بالإبتعاد عن أي صدام عسكري أو أمني مع أي طرف سياسي في البلد، وخاصةً حزب الله الذي يتباهى صباح مساء، بامتلاكه فائض قوّةٍ بالسلاح "الإيراني"، والذي باتت مُهمّته مقصورة في الآونة الأخيرة على تطويع الساحة السياسية اللبنانية وفق مشاريع إيران الإقليمية والدولية، بعد صرف النظر على ما يبدو عن حصره بمواجهة إسرائيل، ولم يغفل جعجع في حديثه تطمين المسيحيين، ومن خلالهم كافة اللبنانيين، إلى أنّ الحرب الأهلية غير واردةٍ على الإطلاق في مشاريع القوات اللبنانية السياسية والأمنية، أمّا فيما يختصّ بالتحقيق العدلي في جريمة تفجير مرفأ بيروت النووي في الرابع من شهر آب العام الماضي، فأوضح جعجع أنّ حزب الله، ومعه كافة أطراف المنظومة السياسية الفاسدة المُتورّطة في حادثة التّفجير، لا يريدون التحقيق من أساسه، اللهم إلاّ إذا كان في سبيل "لفلفة" القضية وتمييعها وحرفها عن جادة الوصول إلى الحقيقة، وتجهيل الفاعل وضياع حقوق أهالي الضحايا وآلاف المصابين وعشرات آلاف المشردين من بيوتهم وأعمالهم، المسألة باتت في منظور حزب الله وعُرفه، ليست شخص المُحقّق، بل لُبّ الحقيقة، ليست المسألة-المُعضلة القاضي فادي صوان أو طارق البيطار، أو من سيخلفهما ربما، المطلوب نسف التحقيق من أساسه، وهذه هي المعضلة، وفي سبيل ذلك لن توفر الطبقة السياسية الفاسدة سبيلاً لنسف التحقيق إلاّ وسيّتبعونه، ها هي الحكومة الجديدة مُعطّلة، في وقتٍ يشتدّ فيه الإنهيار المالي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي، بعد رفع الدعم عن المحروقات، وها هي الانتخابات البرلمانية في مهبّ الريح، وها هي حقوق لبنان في مياهه الإقليمية مُهدّدة بالضياع، وهذه الطبقة السياسية الفاسدة لن تعدم أن تجد كلّ يومٍ "زاروباً" صغيراً كزاروب عين الرمانة، علّها تجد فيه مُتنفّساً للهروب من نقائصها وموبقاتها وخزيها وجرائمها حتى(جريمة تفجير مرفأ بيروت ).
خاطب السيد حسن نصر الله الدكتور سمير جعجع بقوله: تأدّبوا، تحاشى جعجع الردّ بذات اللهجة والنّبرة الحادّة، فكرّر أكثر من مرّة" بدنا السيد حسن يروق علينا"، أي أن يكون هادئ الطباع، ليّن العريكة، حتى نتمكّن من بناء بلدٍ حُرٍ مُتعافى، وآمن ومزدهر لجميع أبنائه.