تنازعت العراق بعد الطاغية صدام حسن دعوات العودة الى الخلافة كما أحياها أبو بكر البغدادي وكما مارستها عقلية حزب الدعوة منذ استلامها للسلطة وتعاقُب جهابذته عليها من مؤذني المساجد وبائعي أقراص الصلاة و السُبحة الطويلة على أبواب المساجد الى من ترعرعوا وتنسّاؤوا النشأة الدينيةّ في بريطانيا و أوروبا فجاؤوا العراق شيوخاً بكرافتات وليس انتهاءًا عند من حملت طهران هجرتهم الطوعية والقسرية ومن ثمّ أعادتهم الى بغداد ميليشيات قادرة على مواجهة الإحتلال الأميركي الذي أراحهم من أطغى طغاة العرب .
لم تستقر للعراقيين سُنّة وشيعة سلطة ما بعد صدام حسين فبقيت متقلبة وغير ثابتة الى أن فتح لها المالكي سعيراُ أحرق العراق و أعاده الى زمن الخيمة ومربط خيول الخوارج وهذا ما دفع بالعراقيين الى امتطاء هذه الخيول لقتال شرس أنهك العراق وجعل من شعبه أفقر شعب في دولة هي من أغنى دول العرب وهذا ما صنع عراقاً واهناً تتنازعه رغبات عراقية تبتغي كسب المزيد من الثروات تحت شعارات طائفية تستثير عواطف عراقية تلبي لهم حاجتهم ومصالحهم في السياسة والمال .
بعد مزيد من القتال وسفك الدماء منذ التحريرين أيّ من طغمة البعث أولاً الى ولاية داعش ثانياً لم تتغيّر صورة العراق الخلافية سواء ما بين التيارات الشيعية فيما بينها أو ما بين الأطراف الشيعية و السُنيّة التي استفحلت في تجريد التاريخ من نزاعاتها القديمة وجعلها جّبّة وعمّة لتاريخنا الحالي وهذا ما أحيا الفتنة الثالثة بعد مرور قرون على الفتنتين الأولى و الثانية.
بين أميركا و إيران يردح العراق جثّة سياسية هامدة ويسهم بنوه في بقائة على صورته من إفقار الشعب الى فقر التنمية الى سقوط الهوية الوطنية لصالح الهويات الطائفية و القومية الى جعل الشيعة مجرد نوّاحين بين المقامات و مشائيين في طرق العصبيات المستغلة تماماً لصالح رجال أضلوا الدين و أفسدوا الدولة .
إقرأ أيضا: البغدادي الى الولي مقتدى الصدر
حبست الإنتخابات العراقية أنفاسها بعد صعود التيّار الصدري الى الواجهة بعد أن كان في المواجهة الطائفية في بدايات سقوط صدام حسين ومن ثمّ تفرّغ لمواجهة االمالكي أبّان رئاسته السيئة الذكر ولولا التدخل الإيراني لتمّ إنهاك القوتين الشيعيتين وحاول أكثر من مرّة بموافقة إيرانية أو دون موافقة الى استحضار العرب الخليجيين الى العراق من خلال فتح علاقات نفعية متبادلة ولكن دول الخليج و المملكة العربية تحديداً لا ثقة لها بالعراقيين و تتعاطى معهم على أنهم إيرانيين فلم تتجاوب مع السيّد مقتدى الصدر كما فعلت من قبل مع آل الحكيم .
رغم فعل الحشد الشعبي في الحرب على داعش وقدراته العسكرية الهائلة و التي قد تكون متفوقة على قدرات القوى النظامية العراقية الى أنّ الإنتخابات العراقية أكّدت وهن الحشد سياسياً ووهن القوى الشيعية الأخرى وقوّة التيّار الصدري وهذا لافت في مكون شيعي يدور في دائرة إيران وفي أحزاب و تيارات شيعية موالية لإيران اذ خسرت هذه التيارات الموالية المعركة الإنتخابية وفاز بها تيّاراً ليس عدواً لإيران إلاّ أنّه ليس موالياً لها.
كما أنّة ألد أعداء أميركا إذ أنّة لم يهادنها وهو غير محسوب عليها وفي الشكل يعمل على خروجها نهائياً من تواجدها المحدود في العراق .
بين إيران و اميركا يختار مقتدى الصدر إيران دون أيّ مواربة و بين إيران و العراق من يختار زغيم التيّار الصدري ؟
سؤال متروك لحين تشكيل الحكومة الجديدة اذ أنّ الحكومات السابقة كانت صنيعة تفاهمات أميركية – إيرانية فإذا ما تفاهمت عليه كل من طهران وواشنطن وكانت رئاسة الوزراء من حصّة التيّار الصدري الفائز يكون مقتدى حبيس هذا التفاهم واذا ما تمّ التفاهم على نوعيات مشابهة لعيّناتهم السابقة يكون مقتدى الصدر أسير العداء للعاصمتين وهذا ما يصنع منه بطلاً من ورق إنتخابي .
سريعاً انتهت خلافة أبي بكر البغدادي كونها غير شرعية وجاءت بواسطة قطع الرؤوس ولكن ولاية السيّد مقتدى الصدر جاءت وفق الأصول وشرعيتها مستمدة من الشعب العراقي الذي قال كلمته في الإنتخابات البرلمانية وجعلت من مقتدى الصدر والياً على العراق بفوز شبه كاسح .