حضرة القاضي طارق البيطار:
بعد أحداث الأمس الدامية التي شهدتها البلاد، والتي تُنذرُ بالأسوأ، يُستحسنُ أن تتنحّى عن التحقيق في قضية تفجير مرفأ بيروت النووي في الرابع من شهر آب العام الماضي، لا بل لعلّه أصبح من الواجب الإقدام على مثل هذه الخطوة الجريئة، فالتّحقيق بات مُتعذّراً، إن لم نقُل مستحيلاً، فلن يحضر أحدٌ من المُدّعى عليهم والمتورطين في هذه الجريمة أمامك للتحقيق، ولن تُنفّذَ مذكرات التّوقيف، ولن تتمكّن العدالة من الوقوف على قدميها في بلدٍ فاقدٍ للسيادة، ولربما يصبح خروجك من منزلك إلى قصر العدل في الأيام القادمة محفوفاً بالمخاطر الجسيمة، ولن تمضي سوى ايامٍ معدوداتٍ لتلفّت حولك فلن تجد وليّاً ولا نصيرا، لن تجد بجانبك رئيس الجمهورية القوي الذي باع منذ زمنٍ سيادة البلد واستقلاله بأبخس الأثمان، باعها بكُرسيٍّ هزيلة لا تلبث أن ينخرها السّوس، رئيس مجلس النواب نبيه بري في طليعة خصومك، لا بل أعدائك، أمّا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي فلا يُعوّل عليه، ولا يُنتظر منه سوى الخذلان والنّكوص والخزي والعار، لذلك يُستحسن أن تتنحّى، فالحزب الحاكم بأمره هذه الأيام الحالكة السواد، والذي أطاح بسيادة البلد واستقلاله واقتصاده، ويُقامرُ بمصيره، يقول بوجوب "قبعك" من موقعك، وللأسف الشديد إذا قال فعل، فيدُه طائلة وأمرُه نافذ، وبما أنّ الله تعالى لا يُكلّفُ نفساً إلاّ وُسعها، تنحّى يا سيادة القاضي النزيه والشجاع، فقد أدّيت قسطك للعُلى، ووفيتَ ما استطعت لدماء ضحايا تفجير مرفأ بيروت، وما على أهاليهم وأوليائهم سوى الصبر والنضال في سبيل استرداد لبنان لسيادته، لعلّ العدالة عندئذٍ تجد لها منفذاً ومكاناً ممّن استباحوها، وما زالوا مُمعنين في ذلك، وما عليك في قادم الأيام إلاّ أن تجد نفسك في عِداد من يُناضلون ويُكافحون في سبيل استرداد لبنان لسيادته واستقلاله، عندها تكون قد استكملت واجبك الوطني والإجتماعي والأخلاقي والإنساني.
إقرأ أيضا: رسالة مُقتضبة للقاضي طارق البيطار.
كتب الحجاج بن يوسف الثقفي إلى يزيد بن المُهلّب يستعجلُه في حرب الأزارقة( فرقة من الخوارج) ويُسمعُه قارص الكلام، فكتب إليه المُهلّب: إنّ البلاء كُلّ البلاء أن يكون الرأيُ لمن يملُكه، دون من يُبصِرُه.
أولسنا في بلاءٍ ما بعده بلاء؟ بلى!