تواقُت المواقف بين الثنائي الشيعي والقاضي بيطار وتقدّم الأخير على الإثنين في ملف النترات أو ما عُرف بإنفجار المرفأ بعد تنديد وتهديد مباشرين لم يثنيا المدّعي العام بل استمر بيطار وصعّد من وتيرة الإدّعاء بمذكرة جلب بحق النائب على الخليل الأمر الذي رفع السقف الى أعلاه فما عاد بالإمكان استخدام أيّ مادة تحذيرية طالما أن الملف قد فُتح قضائياً على موجبات القوانين وسياسياً على معارك لا حصر لها وهي تبدأ بالإستحقاقيين القادمين من النيابة الى الرئاسة ولا تنتهي عند تطورات المنطقة وإعادة ترتيب الأوراق وفق قواعد و أصول جديدة ومن بينها أوراق التحالفات المحلية والخارجية .
لا شك بأن ملف النترات ليس شائكاً فقط بل هو ملف حسّاس ومهم وإلاّ لما خرج حزب الله وللمرة الأولى مكشوف الموقف في الرسالة التي أوصلها للقاضي بيطاروالشديدة اللهجة ولما جال الحاج وفيق صفا نهاراً وعلى مرأى من الجميع على المعنيين قضائياً في هذا الموضوع ملفاً وخصومة مباشرة مع نتائج التحقيق الأولية .
كما أن الرئيس بري المتراجع عن قمّة السلطة لأسباب متعددة وما عادت ما بيمنيه بقادرة على الهشّ ولا على مآرب عامة ولم يعد بمقدوره حماية أبرز المسؤولين في مجلسه معنوياً ولا أشير هنا قانونياً لأنني أعتقد أن الرئيس ومن خلال مسؤوليته الدستورية هو أكثر الحرّص على القوانيين وترك القضاء و العدالة تأخذ مجراهما وبالتالي لم تنفع مجموعة الضغوطات التي بذلها لحماية نائبين أساسيين من كتلته وجاءت خطوة القاضي بيطار لتشل يداً لم يشلها الزمن.
هنا بدا موقفا الثنائي ضعيفاً حتى مع الخطاب الأخير للسيّد نصرالله الذي تواقت أيضاً مع موقف بيطار الغير خائف من نبرة الخطاب العالية وهذا ما جعل الثنائي خارج التأثير في موضوع هوالأكثرأهمية على المستويين السياسي والأمني .
وحده التيّار الوطني الحر يحصد ثمرة القضاء لإستعطاف المسيحيين بعد أن خسرهم وانفجار المرفأ بالنسبة له صندوقه الإنتخابي الذي يحاول من خلاله الوصول الى نتائج ملموسة كي يستعيد ما فقده من شارعه المسيحي عموماً والماروني خصوصاً ولم يعد باستطاعته التنصل من مسؤوليته في التحقيق الدائر وتجاوز ذلك سيهمّش ما تبقى له من دور طائفي .
ويبدو أن القائلين عن جبران باسيل بأنّة وزيرغُفُل أو مجرد صهرللرئيس أو هو بمثابة "ماما" للمسيحيين قد أغفلوا أنفسهم عن وزير فاق الرئاستين الأولى والثالثة بالسيطرة عليهما واستطاع أن يهشّم من الرئاسة الثانية بالدق المباشر بالرئيس بري الذي هابته الأسود وجاءت النعاج لتأكل من لحمه البري لذا يحسن باسيل ويستغل بشكل دقيق صنع رئاسته المستحيلة بملف لا إمكانية لطيّه إلا بوعد آخر ومشابه لوعد أبيه .
نحن أمام ملف من شأنه أن يفتح جروحاً في حكومة ميتة وأن ينكأ جراحاً في جثّة هامدة من الدولة الى الطائفة وهذا ما سيجذب أكثر الدول للنفخ في أوار النار لحرق ما تبقى من لبنان الأخضر .