في الوقت الذي يتوسّل فيه المواطن اللبناني أيّ خطوة أو مبادرة تُشعره بشيء من الطمأنينة، أقفلت المكونات السياسية الباب امام أي تغيير يطمح اليه المواطن اللبناني، من خلال إصرارها على العمل بالقانون الانتخابي الحالي القائم على الصوت التفضيلي والنسبية المشوهة في بعض الدوائر.
ومن خلال هذا الإصرار الذي جرى التأكيد عليه في جلسة اللجان النيابية المشتركة، أدانت تلك المكونات نفسها، فما حصل في تلك الجلسة كان فضيحة موصوفة، عزف فيها كل طرف على وتر الحفاظ على مواقعه على حساب البلد، ما اكّد كذب تبنّيهم لما نادى به اللبنانيون الغاضبون الذين نزلوا الى الشوارع في 17 تشرين، وزيف دعواتهم التي صمّوا بها آذان اللبنانيين بالإصلاح وإجراء الانتخابات على اساس قانون انتخابي يراعي تطلعاتهم بالتغيير، ويفرز واقعاً نيابياً جديدا تنبثق عنه سلطة موثوقة تقود لبنان نحو الإنفراج الموعود.
وإذا كان التوافق قد تمّ على تحديد موعد إجراء الانتخابات في 27 آذار 2022، فإنّ عبوة القانون الإنتخابي، وبحسب مصادر سياسية ما زالت مفخخة، ورُحّل تفجيرها الى الهيئة العامة لمجلس النواب، التي يُرجّح أن تنعقد مع بدايات العقد العادي الثاني لمجلس النواب الذي سيبدأ يوم الثلثاء في 19 تشرين الاول الحالي. حيث تؤشر الأجواء الى معركة كبرى يجري التحضير لها من الآن، وخصوصاً حول انتخاب المغتربين واستحداث المقاعد الستة العائدة لهم على مستوى القارات الست، وكذلك حول اقتراح التعديل الدستوري الرامي الى تخفيض سن الاقتراع من 21 سنة الى 18 سنة.
وبحسب المصادر، فإنّ المعركة المنتظرة، ليس القصد منها الحسم التغييري لجوهر القانون، خصوصاً انّ جميع الاطراف باتت على يقين انّ هذا التغيير ليس وارداً، والامر نفسه بالنسبة الى تخفيض سن الاقتراع، بل انّ المعركة ستكون معركة اصوات عالية ومزايدات حول المغتربين، برغم إدراك المزايدين استحالة استحداث المقاعد الستة في هذه الفترة، وبالتالي أقصى ما قد يتحقق في هذا المجال هو إبقاء الحق للمغتربين بالمشاركة في العملية الانتخابية على نحو ما كان عليه الوضع في انتخابات العام 2018.