اعتبر نقيب المحامين في بيروت ملحم خلف "أننا باقون هنا في الصف الأول، في حصن الدفاع الأخير عن الحرية والحق والعدل والقانون، ولو تساقط الكل على الطريق، وبقينا وحدنا في هذه المعركة الوجودية، فإما نموت في الساح بشرف وكرامة، وإما تنتصر الحقيقة، ونحيا جميعنا بها، وتحت سقفها، وينتصر بها لبنان، وبيننا وبين الطغاة والاستبداديين والفاسدين والسارقين ومغتصبي القانون والقتلة والمجرمين وباعة الوطن، معركة لا رجوع عنها".
ولفت خلال تأدية 308 محامية ومحام متدرجة ومتدرج الناجحين في امتحانات دورة التدرج 2021 قسم اليمين أمام محكمة الاستئناف في بيروت، متوجها للمحامين الجدد، الى أنكم "تنتسبون الى نقابة المحامين في بيروت، في أحلك حقبة من عمر الوطن، وهذا يزيدنا إعجابا بكم وتقديرا لشجاعتكم. من يختار مهنة حمل هموم الناس في هذه الظروف، يدرك تماما أن المحاماة ليست مهنة وحسب، بل إنها رسالة قبل أن تكون مهنة، وأصحاب الرسالات لا يضعفون. كونوا فخورين إذ أن سبب قبول إنتسابكم الى نقابة المحامين في بيروت هو جدارتكم، وسيروا برأس عال وجبين مرفوع وقولوا للعالم أجمع، وسقطت على أبواب النقابة كل أنواع الواسطات والتدخلات".
ثم توجه الى المحامين المتدرجين: "تذكروا دوما أن ثمة قضايا تستدعي من المدافعين عنها جرأتين: جرأة جسدية وجرأة معنوية، وأن الخاطرة التي رصع بها Molière جبين المحامين، إذ وصفهم أنهم لا يسايرون في مسائل الحق، ويحسبون التحايل على القانون جريمة جسيمة، وحذار أن تتحايلوا على القانون وحذار أن تتحايلوا على العدالة وحذار أن تتحايلوا على القضاء والقضاة، وأوصيكم بالإعتدال، وتحاشوا في دفاعكم، كل انواع التجريح أو التحقير، فالناس تبحث عن أمل ضاع بضياع العدالة، وكلنا اليوم، مسؤولون، ومن العار، أن تترك الأمور تتهاوى".
وسأل: "أيها الحفل الكريم، كيف ننهض بالوطن لهؤلاء الشابات والشباب؟ كيف نعطيهم الأمل بغد أفضل؟ أبهؤلاء الحكام؟ أبوجود منظومة فاقدة للشرعية والمشروعية، منظومة متحكمة تأخذ جميع اللبنانيين كرهائن لتستمر في السلطة؟ أبوجود منظمومة عطلت عمل القضاء وعرقلت الولوج للعدالة وحولت أروقة قصور العدل والمحاكم الى مذبحة لإستقلالية القضاء والى مهزلة الإنحراف في تطبيق القوانين والإستنكاف عن إحقاق الحقوق وتعطيلها؟ القضاء هذا أدى الى عودة لغة الإنتقام وإستيفاء الحق بالذات وشريعة الغاب وعدالة القبائل؟ فجروا العاصمة بيروت وأجساد الأبرياء بأكبر جريمة مركبة في تاريخ الوطن، ولم يرف لهم جفن، يضربون، كل يوم، مبدأ فصل السلطات بعرض الحائط. ما هذا الإنفصام؟".
وتابع خلف: "ينادون، من جهة، بإستقلالية القضاء، وبضرورة السير بالتحقيقات في قضية المرفأ حتى النهاية وبضرورة سوق كل المرتكبين أمام العدالة، ومن جهة أخرى، ماذا يفعلون؟ يتقاذفون المسؤوليات. يحاولون تضليل التحقيقات. يطمسون الحقائق. يتلطون خلف حصانات واهية. يراهنون مخادعين على الوقت. يحاولون بشتى الطرق الملتوية الإفلات من المحاسبة والعقاب. يطلبون رد محقق عدلي أول لأنه تجرأ أن يلاحق البعض منهم! للأسف، ينجحون بذلك. يطلبون رد محقق عدلي ثان لأنه تجرأ أن يلاحق بعضهم الآخر، ليتهم يقفون عند هذا الحد من الوقاحة. كم هم جاهلون، عندما يهددون بقتل الجسد، أيعتقدون فعلا أنه بالتصفية الجسدية سيغتالون العدالة؟، إن قتلتم الجسد، لن تنالوا من إرادة الناس، ولن تنتزعوا إصرارنا على العدالة، ولن يصمت صراخنا في ضميركم، وسننتصر عليكم ولو بعد حين، أنظروا الى وجوه هؤلاء الضحايا الأبرياء. نعم، إنكم تقتلونهم مرتين".
وأعلن أنه "كلنا اليوم، متحدون في وجههم، ونحن نلجأ وسنلجأ الى كل الوسائل في لبنان وفي كل دول العالم، أمام القضاء اللبناني وأمام القضاء الأجنبي، لسوقهم أمام العدالة، ليحاكموا ويعاقبوا"، وتابع: "لن نترككم تقتلون هؤلاء الأبرياء مرة ثانية، نعم ستحاسبون، نعم، ستعاقبون، وإطمئنوا أيها الناس ولى زمن التفلت من المحاسبة وحماية المرتكبين والفاسدين، ولى زمن الترهيب والتخويف والتهويل، ونعدكم أن زمن عدم استقلالية القضاء والقضاة وزمن الديكتاتوريا، سيرحل، يبقى رهاننا الأكبر اليوم، على القضاة الشجعان الشرفاء الذي يؤدون رسالتهم بأبهى صورة لها، ورهاننا الأكيد عليكم أيها المحامون لأننا جميعا لن نسكت أو نخاف أو نرضخ أو نستسلم أو نضعف. مستمرون في رسالتنا، وفي حماية الناس، وفي نضالنا لإسترداد الدولة وإنقاذ الوطن".