أنا لا أعرف أين يأتي الموالون لأشخاص أو لأحزاب أو لزعامات بأسماء وصفات نادرة ويطلقونها على كل شيء من الشوارع الى المناطق بحيث يتم بيع البلد بكامله لفلان وعلتان من جماعات أولي الأمر وليس أمامك سوى السكوت أمام صورهم وأسمائهم ونعوتهم وصفاتهم التي تجاوزت بكثير أسماء الله الحسنى وليس أمامك سوى الوقوف أمام وجوههم المنتشرة في كل اتجاهات الأرض لتؤدي لهم فريضة الطاعة وتدعو لهم بطول العمر بعد أن بلغوا من العمر عتيّاً .
رضيت أم لم ترض هذا شأنك في أن تضمر صوتك في أنفاسك المتهالكة وأن لا تجهر إلاّ بلزوم ما ينفع الحكّام من صلوات وتقديس ومبايعة وهذه الأعمال أحبّ ما تكون للرؤساء لأنّها تشعرهم بشعور إلهي وهذا ما يرضي بعض غرورهم لذا تبث الماكنة الإعلامية الخاصة بالقادة العظماء ما يلبي احتياجاتهم الخاصة من شعب كلما كان مذلولاً كلما انتعش الواحد منهم وتضخم أكثر وبات إلهاً كإله القحط وإله المجاعة وارتفع نسبياً و سبباً عن إله المطر وإله الزرع .
استفاق اللبنانيون على زمور التيّار الحرّ يصدح ببيّ الكل بعد عراضة رئاسية احتفالية لم تصح للحلفاء عندما دخلوا الى " برلين " وأسقطوا هتلر كما أنّ الإحتفالية الجديدة لحكومة الرئيس ميقاتي من قبل وزراء السلّة جعلتنا نترحم على دياب وعجائب وزرائه ومن قبل بعض المشجعين عليها من فرنسيين وأميركيين في ظل مباركة سريعة وغير متسرعة للبنك الدولي ومن قبل الثقة النيابية التي حضنت الحكومة كأم رؤوم ليعلن المجلس النيابي عن حكومة برتبة أُم للشعب اللبناني وهكذا أمسى اللبنانيون بأبين بعد أن كانوا يتيمي الأمّ .
من الواضح أن الإستخدامات المروجة تلبي حاجة المسؤول لتنويم الشعب لا مغنطيسياً بل وعودياً من قبل أب رحيم وأم عطوف وهذا ما يحتاجه اللبنانيون نتيجة جوع عاطفي اذ عاشوا بعد موت الدولة في يتم وتشرّد منذ عام 1975وهم منذ موت العائلة اللبنانية بكاملها يستوجع اللبنانيون ألم فقدانها ويستجوعون لحنان ودفء ولعسل من سموم الألسن .
يقف اللبنانيون أمام أمهم وأبيهم عرياناً وبدون حفاضات والذل يأكل انتصاراتهم التي ملأت كل ساحة ومساحة في وطن ارتفع شهيداً وكل بطل فيه ينتظر على طابور الكاز والغاز والبنزين والمازوت ويطأطأ رأسه أمام التجّار الذين يسلخون جلده وهو راض رضيته بأهل السياسة والكياسة الذين اختارهم وارتضاهم لدينه ودنياه .
يقف اللبنانيون فقراء فلم تغنيهم آلهتهم ولم تسعفهم أبوتهم باتوا في مهب الريح لا ضمان ولا ضمانة وقد تشرّد أكثرهم في أرضه وبات أسير كسرة الخبز في ظل تخمة الأبوين والقائدين والحزبين وما انتجه اللبنانيون من آكلي سُحت من رؤوس القوم .
لا حاجة لنا بأسماء سميتموها أنتم وحواشيكم من جماعات المزامير والهتافات من غُلف القلوب وعُلف العقول بعد أن هدمتم بيوتنا وشردتم عائلاتنا وبتنا خارج الزمن وخارج الحياة مجرد أموات على أبواب الأبوات فما عادت تنطلي علينا حبال حبائلكم التي أفكت ثعابينها كل أحلامنا ولم تعد تجد ما تأفكها فينا سوى كوابيس رديئة .