أثار انتباهي كلام أمين عام حزب الله، حين مر سريعا بالحديث عن النفط العراقي والاتفاق الموقع بين الحكومة العراقية والحكومة اللبنانية في 24- 7 2021 برعاية الكاظمي والقاضي بتزويد لبنان مليون طن من وقود الفيول للتخفيف من ازمة الكهرباء في البلاد، بعد مرور اشهر عديدة على التوقيع، حين قال انه لا يعلم سبب التأخير بتنفيذ الاتفاق !!
فذكرتني عبارة "لا يعلم"، بنفس العبارة التي استعملها بحديثه عن نيترات الامونيوم التي انفجرت في 4 آب ودمرت نصف العاصمة وقتلت وجرحت الالاف من اللبنانيين حينها ايضا قال بأنه "لا يعلم" شيئا عن العنبر رقم 12 وما يوجد على المرفأ !
والملفت في الموضوع ان النفط العراقي بكميته المهولة والمجانية او شبه المجانية لم يُفك اسرها ويُسمح لها بالوصول الى معامل الكهرباء (دير عمار في شمال – الزهراني في الجنوب ) الا في اليوم الثاني لدخول صهاريج المازوت الايراني بصورة غير شرعية من الاراضي السورية ومن المعابر غير الشرعية التي هي تحت قبضة الحزب وبمعزل عن الحكومة اللبنانية كما قال الرئيس ميقاتي.
فاذا علمنا أن التأخير الذي "طرأ" على تنفيذ الاتفاقية العراقية وتسبب بتمديد الظلام والعتمة لاكثر من ثلاثة اشهر إضافية، هو نتاج تقاعس وزير الطاقة العوني ريمون غجر، مما اثار امتعاض الجانب العراقي وإعلامه وفتح باب التساؤلات عن المماطلة اللبنانية وحرمان الشعب اللبناني 6-8 ساعات كهرباء كما جاء في جريدة "احوال " العراقية
مما يعني ان قرارا اتخذ في غرفة سوداء ومن خلف ستارة سوداء، يطلب تأخير وصول المساعدات النفطية العراقية، الى ما بعد وصول كميات مستعجلة من المازوت الايراني، وما يساعد على هذا الظن المتاخم لليقين هو ما نشهده من "همروجة" و "إنتصار" رافق الصهاريج الايرانية، بالرغم من محدودية الكمية وضآلة الاستفادة منها خاصة انها سوف تباع بيعا للمستهلك اللبناني ولو بسعر اقل بقليل جدا من سعر السوق.
نكاد نجزم هنا، بأن حجم الدعاية والاستقبال والتجمعات "العفوية" واطلاق الرصاص والقذائف ابتهاجا، لا يهدف الا للتغطية ولفت انظار جمهور الشيعة عن الهبة العراقية التي كان احد عرابها والساعي اليها هو الرئيس بري تحديدا
ولا ابالغ ها هنا اذا ما قاربت الموضوع بخلفية الصراع التاريخي بين مرجعية النجف الشيعية العربية والمرجعية الشيعية في قم الايرانية، فالعقل الفارسي ومنذ امد بعيد يعمل بكل ما أوتي من قوة على إبعاد الشيعة اللبنانيين عن عمقهم العربي واتباع مرجعية النجف او اي حاضرة عربية، من أجل حصر ارتباطهم الديني بحوزة قم وبالمرجعية الايرانية.
فلطالما اعتقد هذا العقل بأن أي مرجعية دينية عربية هي بمثابة خطر عظيم على مشروعهم، ومن هذا المنطلق كان هجومهم الشرس على مرجعية السيد فضل الله رحمه الله وغيره من المراجع العرب.
فاذا علمنا ان حركة امل وجمهورها هي من الداعين لمرجعية السيد السيستاني العراقي، والذي لعب هو الآخر دورا محوريا بتلبية مطلب الرئيس بري بإستقدام هذه المساعدة، ندرك حينئذ سبب هذا الصمت المطبق والمقصود داخل البيئة الشيعية والذي يلف بواخر النفط العراقي الواقف على شواطئنا، ونتأكد بأن مازوت السيد الايراني لم يأتي الا من أجل حجب نفط بري العراقي .