خسر حزب العدالة والتنمية الإنتخابات النيابية في المغرب وبشكل فادح بحيث نزل درجات سلم المقاعد دفعة واحدة بعد أن تصدر صدر المجلس النيابي وقاد قيادة الحكومة لسنوات غذّته في ذلك نتائج الربيع العربي التي وضعت كل تضحياته في سلّة الإسلاميين وفي مقدمتهم جماعات الإخوان المسلمين .
لم تأت نتائج الإنتخابات المغربية صادمة للإسلاميين فحسب بل كارهة لهم بعد أن أفسدوا البلاد و العباد وقد كانت بمثابة نهاية مروعة لأحزاب الإسلام السياسي لأنها ختمت بالشمع الأحمر آخر سيطرتهم في العالم العربي بعد أن أعادهم الجيش المصري الى السجون والمنافي كما فعل الجيش السوداني في البشير ومن معه من مرشدين وكما بادر الجيش التونسي الى مصادرة السلطة من راشد الغنوشي أحد مرشدي كبار حركة إخوان المسلمين.. لتنهي قصّة أخونة العالم العربي من المغرب ولكن بطريقة مختلفة عبّر فيها المغاربة عن لفظهم للإسلام السياسي بعد أن فشل الإسلاميون في إدارة السلطة وأكثروا من الفسادين السياسي والمالي ناهيك عن الأمن الذي ثبّتوا فيه جبهات قتالية تتعدّد فيه أشكال الموت .
حتى الآن فشل إخوان ليبيا من الإمساك بالسلطة لهذا يجهدون يومياً للإخلال بالإتفاق الذي كرّس حكومة بمواصفات مدنية لا دينية وتبدو في محاولاتها الحثيثة لزعزعة الإستقرار النسبي تسعى لخلق الفرص القادرة عليها والتي تتيح من خلالها عودة جديدة للحروب العبثية والمدمرة .
إقرأ أيضا : كسر الأقفال
وعى الملك الأردني رهانه المؤقت على جماعة الإخوان في الأردن واستطاع أن يتخلص منهم بعد تجربة إخوانية فاشلة في السلطة وبطريقة امتصاصية بحيث دفنهم دون قتالهم بل بسوء سياساتهم تماماً كما بادرت الجزائر الى نبذ الإسلاميين وقتالهم بعد أن نجحوا في الإنتخابات التشريعية وقد وفّر الجيش الجزائري على الجزائرين مرارة تجربة إسلاموية أسوأ من تجارب الجنرالات وهذا ما نجّا الجزائر من حكم كارثي وكان الذبح والصيد المتبادل مابين العسكر و الإسلاميين في الجزائر دلالة على ما كان ينتظر الشعب من جنون الإخوان لو تمّ لهم أمر الجزائر .
في زمن حافظ الأسد تمّ محدلة حماة معقل الإخوان بعد محاولة الإنقلاب على نظام البعث وترك جماعة الإخوان في لبنان تلتقط انفاسها فقط دون أن يكون لها دوراً أو مشاركة في الحياة السياسية وقد تكون جماعة إخوان لبنان ألين وأهدأ و أركز وأعقل جماعة من جماعات الإخوان بحيث لم تغامر مغامرات أخواتها وبقيت ملتزمة لزوم الظروف القائمة وهي ضيّقت على نفسها حتى في اللحظة التي اتسعت فيها جماعة الإخوان وانتشرت بكثافة هائلة في العالم العربي و الإسلامي مع بروز تنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن ووصول طالبان للحكم في باكستان ومن ثم الموجة الإخوانية الهادرة في اجتياح السلطويات العربية بدءًا من مصر مركز الوطن العربي .
لم يبق للجماعة من قُطر عربي تحكمه أو تختبىء به باستثناء قُطر قطر على ضيق الدولة وصغر حجمها إلاّ أن دورها يتسع لمشروع الإخوان ورغم خسارتها لمعاقلها في العالم العربي ثمّة رهان على العالم الإسلامي وتأتي تركيا في مقدمة هذا الرهان وقد ازداد الرهان مع عودة حركة طالبان الى حكم أفغانستان ليصحو الإسلاميون على انتصارات واعدة بعد أن ناموا على عدّة هزائم في العالم العربي وهذا ما سيدفع الإخوان الى اللعب في الساحة الإسلامية وخاصة في الدول التي يسيطر عليها الروس وما تعزيز روسية لمواقعها العسكرية في طاجكستان بعد فتح طالبان لإفغانستان إلاّ بداية التحسّس لخوف حقيقي يهدّدها في عقر دارها .