جولة صغيرة في قرى ودساكر الجنوب والبقاع والضاحية، ورؤية عشرات بل مئات بل آلاف صور شباب بعمر الورود مدروزة على جوانب الطرقات وعلى الاعمدة، كافية لأخذ فكرة سريعة عن حجم التضحيات الجسام التي قدمها حزب الله في قتاله بسوريا الى جانب نظام بشار الاسد.
كل تلك الوجوه المزروعة على جنبات طرقات الجنوب وخلفهم أمهات ثكالى وآباء مفجوعة، تزاحمت وامتزجت في مخيلتي وأنا أشاهد وصول الوفد الوزاري اللبناني إلى نقطة جديدة يابوس الحدودية وحفاوة الاستقبال والترحيب من نظرائهم السوريين.
الهدف من الزيارة هو متابعة وتلبية للدعوة التي أطلقتها السفيرة الاميركية في لبنان وإعلانها عن موافقتها إستقدام الغاز المصري والكهرباء الاردنية عبر الاراضي السورية، المشروع الذي كان أعلن عنه الرئيس الحريري منذ أشهر عند زيارته مصر ولقائه الرئيس السيسي، وبالطبع وكما كان متوقعا كانت الموافقة السورية السريعة على كل طرح السفيرة الاميركية بدون جدل ولا وجل ولا نقاش.
مشهد التزاحم بين الوفدين على الحدود ممزوجا بآلاف الصور الصفراء، ولّد لدي حالة غريبة من الغضب الشديد مترافقا مع سؤال ضخم عن المتحولات الكبرى التي احتاجتها كل تلك الدماء المراقة، وهل كانت تستأهل كل هذه الارواح المزهقة على مذبح بشار الاسد، وماذا حقق من كل الوعود التي كانت تطلق، ومن أهداف صدقوها من بذلوا انفسهم من أجلها
اقرأ أيضا : هكذا ستتعامل أميركا مع الباخرة الايرانية
فقد قيل لهم ان نظام بشار هو السد المنيع امام مشروع الهيمنة الاميركية، فإذا بنا نشاهد هذا النظام يهرول صاغرا حقيرا لتنفيذ الرغبات الاميركية.
قيل أن جبهة الجولان ستتوحد مع جبهة الجنوب كتمهيد لتحرير القدس، فإذا بهذا النظام يعيد الهدوء والطمأنينة لتلك الجبهة تماما كما كانت منذ سنوات غابرة، وقيل أن سوريا هي ظهر المقاومة وطريق إمداد الشيعة في لبنان، فإذا بنا نقتل بعضنا بعضا على محطات البنزين وأمام المستشفيات والافران، ويصبح تهريب المحروقات والمواد الغذائية لنظام بشار هو وجه من وجوه المقاومة !
قيل لهم بأن تدفق الصواريخ والسلاح الايراني الى لبنان سوف يزدهر ويستمر ويزداد ، فلا نسمع الا بالغارات الاسرائيلية اليومية على المخازن والمراكز الايرانية حتى قبل إعادة تحميلها الى لبنان بموافقة نظام بشار وتواطؤ "الحليف" الروسي !!
والانكى من كل ما تقدم، هو حين نسمع بأن الغاز المصري هذا هو غاز إسرائيلي مسيل في مصانع إسالة الغاز الطبيعي المصري لاعادة تصديره كما تنص اتفاقية "منتدى غاز شرق المتوسط " والاتفاقية التي ابرمها وزير البترول المصري طارق الملا ووزيرة الطاقة الاسرائيلية كارين الحرار منذ أشهر.
وأمام هذا الارباك وبركان الغضب الذي خالجني وانا أشاهد رحلة الوفد اللبناني، وزاده قرفا واشمئزازا ضحكة بشار الاسد البلهاء مع ابن وئام وهاب الفرح بطول ابنه وهو يقدمه مزهوا ممازحا مقهقها، فلم أجد عبارة تقتحمني إلا "الله يرحم شباب الشيعة لي راحوا" .