على وقع الحداد على رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الإمام الشيخ عبد الامير قبلان الذي سيُشيّع غداً رسمياً وشعبياً الى مثواه الاخير، يستمر الاستحقاق الحكومي «مكانك راوح»، فلا جديد بعد على هذا المستوى باستثناء الكلام الإيجابي غير القابل للصرف على أرض الواقع، والوعود بتأليف حكومة لا تتألّف. وخلافاً للجمود الحكومي، فإنّ المتحرِّك الوحيد هي الأوضاع المالية والمعيشية والاقتصادية التي تواصل تراجعها وتردّيها من دون ضوابط ولا كوابح، والناس من دون مظلة ولا ضمان، يبحثون عن ليتر من البنزين وحبة دواء ورغيف خبز، ويخشون من الأسوأ، في ظل وضع مفتوح على مزيد من الانهيارات من دون سقوف ولا حدود، لأنّ الفرملة الوحيدة للانهيار المتمادي تكمن في تأليف حكومة لا تتألّف.
لا يبدو انّ الأسبوع الطالع سيحمل اي جديد حكومياً، والجديد المتوقع على الأرجح هو الاعتذار لا التأليف. لكن مع بداية كل أسبوع يسود انطباع بأنّه سيكون الحاسم حكومياً، لكن ما يحصل هو انّ الأسابيع تُهدر الواحد تلو الآخر من دون أن تلوح بعد نهاية لنفق الانتظار الثقيل.
وبعدما كان الحديث عن خلاف حول حقيبة او اسم في تشكيلة الـ24 وزيراً، انتقل الحديث إلى حكومة أقطاب من 14 وزيراً، وكأنّ ما استحال في الأولى يتحقق في الثانية، وكأنّ المشكلة في العدد وليس في مبدأ التأليف او من يمسك بقرار الحكومة. ومعلوم انّ في اللحظة التي يتمّ الدخول فيها بالتفاصيل تبدأ الخلافات والتباينات، بدءاً من حجم هذا الفريق، إلى من تؤول هذه الحقيبة او تلك، في «دويخة» لم تعد تنطلي على أحد. ولكن السؤال الأبرز الذي طرح نفسه مع تسريب تشكيلة الـ 14 وزيراً: هل هذه الخطوة مقدّمة للاعتذار؟ هل هي رسالة أخيرة لرئيس الجمهورية ميشال عون لكي يتبنّى تشكيلة الـ 24 وزيراً، قبل ان يتخذ الرئيس المكلف نجيب ميقاتي قراره بالاعتذار؟ هل اللقاء المرتقب الرقم 14 بين عون وميقاتي سيكون الأخير بينهما على قاعدة إما تأليف وإما اعتذار؟
وبينما يُفترض ان يدير المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم محركات وساطته مجدداً بدءاً من اليوم، استبعدت اوساط سياسية قريبة من مطبخ المشاورات ظهور نتائج إيجابية فورية، مرجحة ان يبقى مشروع الحكومة معلقاً بين لا اعتذار ولا تشكيل وقتاً اضافياً، ما لم يستجد تطور نوعي في الساعات او الايام القليلة المقبلة، علماً انّ «التيار الوطني الحر» وتيار «المستقبل» يهدّدان، كلٌ لحساباته، بالاستقالة من مجلس النواب قريباً اذا لم تحصل الولادة الحكومية، وطلائع التصعيد البرتقالي ستتمثل في الاعتكاف النيابي لتكتل «لبنان القوي» وصولاً الى الاستقالة لاحقاً.
ولفتت الاوساط، الى انّ هناك على الارجح «شيفرة» لفتح الحقائب الوزارية لم يتمّ فكّها حتى الآن، وهي بالتأكيد أبعد من حدود الخلاف الظاهري على بعض الحصص والاسماء.
واعتبرت هذه الاوساط، انّ طرح حكومة الـ14 وزيراً لم يكن جدّياً ورسمياً، بل انّ الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي ضربه كمثال، في معرض إشارته الى ضرورة تشكيل الحكومة على عجل، وفق اي صيغة ممكنة، انطلاقاً من انّ الاولوية هي للجم الانهيار.
وقالت مصادر مطلعة على اجواء بعبدا لـ»الجمهورية»، انّها «لا ترى اي منفذ الى الحديث عن تشكيلة الـ 14 وزيراً، ليس لسبب سوى انّها اطلعت عليه من وسائل الإعلام، ولو كان الامر جدّياً لكان من الأفضل البحث فيه مع رئيس الجمهورية، وخصوصاً انّ الجهود التي بُذلت للانتهاء من تركيية الـ 24 وزيراً قد بلغت مرحلة متقدّمة قبل ان تُطرح هذه الفكرة اعلامياً».