وأيضاً... على مدى سنةٍ وشهرين «ما خلّونا» نؤلّـف الحكومة...
نعم... مـنْ أجل ذلك وَلُّوكُمْ حتى لا «يخلّوكمْ»، وحتى لا «يخلّونا»، وحتى لا تـتخلّوا...؟
ثـمَّ... لماذا الإستعجال بالحكومة...؟
إنّ العجَلَةَ من الشيّطان... وما هـمَّ أنْ نكونَ في حضرة جهنّم، فأَبوابُ الجحيم لن تقوى علينا.
السيد حسن نصرالله في تصريح إلى «الأنباء الكويتية» يحذّر .
«إنّ اللحظة التي سيُعلنُ فيها الرئيس المكلف نجيب ميقاتي اعتذاره، ستكون انطلاقةُ لبنان نحو مشهديّةٍ فوضويةٍ لم يشهد لها تاريخ العالم أيَّ مثيل..».
وحتّى إنْ ألَّـف الرئيس المكلّف واستمرّ نهجُ الرئيس المحلَّف، فإنّ موجـةً عارمةً من اليأس بدأت تجرف اللبنانيين نحو الهجرة حشوداً وجحافل، ما دام لبنان قد انعدمَتْ فيـهِ كلُّ أسباب الحياة وسادتْ فيـه كلُّ مسبِّبات الموت.
أمام هذه المشهدية، هل يستطيع الحكم أنْ يغسل يديـه من دم الصدّيق..؟ هذا الشعب الذي يُطعَنُ بالحرابِ ويُصلَب، يموت حيّـاً، ويستعجل القيامة للخلاص من جحيم الأرض.
لقد وضَعتْنا مآسي الأيام في حالةٍ من الحَـرج العقلي والوجداني بين شخص الرئيس ومركز رئاسة الدولة، فلا نستطيع حيال نهج الرئيس ومسلكه وسياسته، أنْ نتنازل عن حقوق العقل، وعلينا في المقابل أنْ نحرص على مركز الرئاسة المعنوي والرمزي الذي يمثّل قمـةَ الوجود السياسي والحقوقي للدولة.
ولكن، إنّ بين الرئاسة والرئيس والشعب علاقةً عضوية تُـشبهُ علاقةَ المؤمن بالكاهن، حيث يـرى اللاّهوت أنَّ مَـنْ يكره الكاهن لا تلبث أن تتحوّل المشاعر ضـدّه إلى عدواة للدين.
ونخشى في ظـلِّ هذا الإنهيار الرهيب، أنْ تؤدّي المشاعرُ السلبية ضـدّ الرئيس إلى كراهية للرئاسة والحكم والسياسة وكلِّ ما يمثّلُهُ هذا الوطن من قِيـم.
ثمَّ، هل هو سرّ المفاوضات الأميركية – الإيرانية الذي يعرقل الحكم والحكومة ومخارج الحلول...؟ أوْ أنّ هناك سراً «جبرانّياً» آخـر، حتى ولوْ أصبح مغامرةً بحجمِ المستحيل..؟
إنّ لتحقيقِ هذا الحلم الخيالي طريقاً متعرّجاً مزروعاً بالألغام يتخطَّى السيطرة على الحكومة، مثلما أنَّ أسطورة الرئيس القوي تسقط إذا كان يستمدّ قـوَّتَهُ العظمى من الثلث المعطِّل أوْ مِـنْ وزيرٍ في الحكومة، لأنْ الثلثَ الرئاسيَّ المعطِّل يجعل أيضاً الثلثينِ الآخرين معطّلَين.
هل هناك تصميمٌ على أنْ نظلّ أسرى هذا الحلم الشرّير، ولَـوْ استمرَّ الإنهيار الوطني والدمار السياسي والفراغ الرئاسي وصولاً إلى نهاية هذا العهد..؟ إذْ ذاك تكون مع نهاية هذا العهد نهايةٌ للبنان، ويتحقّق الإنتحار العظيم لشعب لبنان العظيم.
على أنّ للرؤساء تصميماً من نوع آخـر أعلنه الرئيس الأميركي روزفلت، عندما أخذت دول المحـوَرِ تهدّد الولايات المتحدة فقال: «نحن مصمِّمون على ألاَّ ننتحر»... ومع أنّ روزفلت كان مصاباً بشلل الأطفال فقد استطاع أنْ ينتصبَ شجاعاً على قدميه لإنقاذ بلاده، فيما المصابون عندنا بالشلل يعجزون عن الوقوف على أقدام الرجال.