لفت رؤساء الحكومة السابقون نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة، سعد الحريري وتمام سلام، "في أعقاب التطوّر الأخير الّذي نتج عن إصدار المحقّق العدلي بجريمة تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار، ورقة إحضار بحقّ رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، إلى أنّ "لبنان جمهوريّة ديمقراطيّة برلمانيّة، يفترض أن تخضع أعمال دولتها لأحكام دستورها وقوانينها وليس لسلطة عدالة انتقائيّة".
وذكروا في بيان، أنّ "أحكام الدستور اللبناني واضحة لا لبس فيها، ومن ذلك ما يتعلّق بهذا الصدد وتحديدًا بما خصّ المادّتَين 70 و71 من الدستور".
وأشار رؤساء الحكومة السابقون، إلى أنّ "مجموعة من النوّاب قد تقدّموا باقتراح قانون من أجل رفع جميع الحصانات من أيّ نوع كانت ودون أيّ استثناء، بما يعني تعليق المواد الدستوريّة المخصَّصة للحصانات النيابيّة والوزاريّة والرئاسيّة وذلك لإحقاق العدالة، ولا سيّما وأنّ رئيس الجمهوريّة ميشال عون شخصيًّا اعترف بأنّه قد علم بوجود هذه الكميّات الكبيرة من الأمونيوم نتريت في عنابر مرفأ بيروت قبل خمسة عشر يومًا من تاريخ التفجير المريب، وعلى وجه الخصوص وأنّ الرئيس عون هو الضابط وقائد الجيش السابق الّذي يعلم تمام العلم بأنّه وحسب القوانين المرعيّة الإجراء في لبنان، يُحظر إدخال أيّ كميّة كانت من هذه المواد الى الأراضي اللبنانيّة من دون إذن مسبق من مجلس الوزراء، وذلك بعد موافقة المراجع العسكريّة والأمنيّة المختصّة، ولا سيّما ما تعنيه وتشكّله تلك المواد من مخاطر هائلة".
وأوضحوا أنّ "مدّة الخمسة عشر يومًا هي مدّة زمنيّة كافية لتفكيك قنبلة نووية، فكيف الحال بالنسبة لهذه المواد القابلة للتفجير، وبالتالي فقد تقاعس الرئيس عون وامتنع عن القيام بأيّ عمل ذي قيمة عمليّة، للحؤول دون حصول تلك الكارثة الإنسانيّة والاقتصاديّة والعمرانيّة الّتي حلّت بلبنان. وهذا ما يعني وجوب أن تُرفع الحصانة كذلك عن رئيس الجمهوريّة في ما خصّ هذه الجريمة الخطيرة الّتي اصابت لبنان، وبالتالي وعندها يتحرّر المحقّق العدلي من نصوص لا تعطيه حقوقًا قانونيّةً ودستوريّةً في محاكمة الرؤساء وسواهم".
كما أكّد رؤساء الحكومة السابقون، أنّه "لم يسبق أن سُجِّل في تاريخ لبنان ورقة إحضار بحقّ رئيس الحكومة اللبنانية، على صورة الإحضار الّذي خطّه القاضي البيطار"، ورأوا أنّ "هذه السابقة خطيرة بكلّ الأبعاد السياسيّة والوطنيّة والدستوريّة، وتنمّ عن إجراء غير بريء يتسلّق القانون وغضب أهالي الضحايا بالجريمة المدوّية، لينال من موقع رئاسة الحكومة دون سواها من المواقع العليا في الدولة اللبنانية، الّتي يُشار إليها نهارًا جهارًا بمسؤوليّة وقوع هذه الجريمة".
وشدّدوا على أنّ "هذا الإجراء محفوف بالشبهات السياسيّة، لأنّه يتقاطع مع محاولات لم تتوقَّف من سنوات للانقلاب على اتفاق الطائف وكسر هيبة رئاسة الحكومة وتطويق مكانتها في النظام السياسي، وهي أفعال تشهد عليها الممارسات القائمة منذ عامين لتعطيل تشكيل الحكومات وتطويق الصلاحيّات الدستوريّة للرؤساء المكلّفين".
وأعلنوا أنّ "في ضوء ما تقدّم، يرى الرؤساء السابقون للحكومة أنّ استمرار التجاهل لاقتراح القانون الرامي إلى تطبيق العدالة الكاملة على الجميع دون تمييز أو انتقائيّة، يُعتبر اعتداءً موصوفًا على العدالة وعلى الدستور اللبناني وعلى المؤسّسات الدستوريّة. هذا فضلًا عن كونه يشكّل إهانةً علنيّةً لموقع رئاسة الحكومة، واستضعافًا مرفوضًا لرئيس الحكومة المستقيل، وإعلانًا مفضوحًا عن إدارة ملف التحقيق العدلي من أروقة قصر بعبدا".
إلى ذلك، بيّن رؤساء الحكومة السابقون أنّ "هذا ما يجب أن يعلمه اللبنانيّون وهو ما نضعه أمامهم وبشكل واضح، وهو كذلك ما يجب أن يدركه وبالدرجة الأولى أهالي الضحايا، فلا تأخذهم العدالة المقنَّعة الّتي يبدو أنّها أصبحت تقتصر فقط على ما يتعلّق بالتقصير الإداري وليس على كامل جوانب هذه القضيّة المريبة والخطيرة؛ وبالتالي إلى ما يأخذ أهالي الضحايا إلى المشاركة وعن غير قصد في دفن الحقيقة والاكتفاء بحلقات التشهير السياسي". وشدّدوا على أنّ "لا للعدالة الانتقائيّة، لا للقضاء المسيَّس، لا للتعرّض لرئاسة الحكومة دون غيرها من الرئاسات والمراكز. نعم للتحقيق القضائي الكامل والنزيه والشفّاف والمحرَّر من التدخّلات والقيود السياسيّة والطائفيّة".