ما حصل بالأمس في حسينية علي النهري خلال مجلس عزاء حضره النائب في كتلة الوفاء للمقاومة حسين الحاج حسن وما تعرض له من غضب جماهيري ليس حدثا عاديا ولا هو منفصل عن سياق الازمة الراهنة معيشيا وإجتماعيا.
ما حصل هو وجع مكبوت لدى البيئة الشيعية في منطقة البقاع التي كانت عصب المقاومة وخزانها، والتي كانت رأس حربة حزب الله منذ عشرات السنين والتي راهن حزب الله عليها كثيرا في كل حروبه وسياساته منذ نشأته حتى اليوم .
إقرأ أيضا : نهاية المهزلة الحريرية!!
ما حصل مفردة من مفردات الغضب الواسع والذي يتخذ بعدا جديدا من الهوّة بين الحزب وبيئته من جهة، وبين هذه البيئة وممثليها في البرلمان الذين تخلوا عن أبسط مهامهم وواجباتهم تجاه هذه البيئة ووجعها وألمها، وتركوا الناس لأمرهم دونما أدنى شعور بالمسؤولية تجاه ما حصل ويحصل ودون معالجة الحد الأدنى من الازمة أو مسبباتها حتى بات حزب الله مع الاسف حزبا متهماً بالازمة وأسبابها واستمرارها إن من خلال صمته عما يجري أو من خلال تحالفاته التي كرست سلطة الفساد وغذتها وحمتها، أو من خلال الشعارات الدينية التي لا يمكنها أن تؤمن القوت والطعام والدواء والشفاء.
بعد هذه الحادثة سارع أحد الاجهزة الامنية إلى توقيف الشبان الغاضبين المسحوقين بحجة النيل من سعادة النائب الغائب فبادرت قوة من هذا الجهاز الى اعتقال الشاب حسن مكحل الثائر من أجل قضاياه ومن أجل حقوقه المعيشية والغاضب من أجل بلده ووطنه وناسه دون أي مبادرة في البحث في الاسباب التي أدت إلى احتجاجه وغضبه وكل ما في الأمر انزعاج النائب وأما الباقي تفاصيل لا قيمة لها في سلطة القمع الإرهاب.
إقرأ أيضا : حذاء السفير
حسن مكحل وحسين الحاج حسن الصورة الناصعة عن حجم الازمة بين حزب الله وأهله وبيئته ومشهد كبير عن حجم الهوّة بين المقاومة وأهلها وناسها وعن حجم الضعف والعجز والإنهيار الذي وصل إليه حزب الله أو الذي أوصل نفسه إليه.
الغضب حق، والإحتجاج حق، والإعتراض حق، أما الوقاحة واستفزاز الناس بعقر فقرهم وموتهم فهو اغبى ما يمكن أن يلجأ إليه نائب مغضوب عليه بسبب غيابه وصمته وسكوته عن كل ما يحصل بحق أصواته الإنتخابية، والانتخابات القادمة ليست ببعيدة وقد أصبحت الاصوات كلها غضب ونتظر اللحظة الإنتخابية للإنقضاض والمحاسبة.
حسن مكحل وحسين الحاج حسن حادثة ستتكرر مع استمرار الازمة بل الكارثة وهي مرشحة للازدياد والتفاعل ما لم يبادر حزب الله إلى الإنقاذ بعيدا عن خطابات الصبر والبصيرة، وبعيدا عن خطابات الحصار والمؤامرة تلك الخطابات التي لا تسمن ولا تغني من جوع.