وضعت أوساط سياسية قرار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة برفع الدعم عن المحروقات في إطار تقني وآخر سياسي، وقد برّر الحاكم الإطار الأول بالبيان الذي أصدره لجهة انّ القانون يُحظِّر المَساس بالتوظيفات الإلزامية بالعملات الأجنبية، وانّ المواد لا تزال مفقودة على رغم انّ مصرف لبنان دفع ما يفوق 800 مليون دولار للمحروقات في الشهر المنصرم، ما يُثبت ضرورة الانتقال من دعم السلع، التي يستفيد منها التاجر والمُحتكر، إلى دعم المواطن مباشرة، وفق ما جاء في بيان المصرف.
أما الإطار السياسي فيندرج في سياق رفع منسوب الضغوط الشعبية على القوى المعنية بتأليف الحكومة من أجل الإسراع في عملية التأليف، وبمعزل عما إذا كان هناك إيحاء للحاكم باتخاذ قراره من جهة سياسية معينة، او انّ خطوته غير منسقة مع أحد واستدعَتها الأوضاع المالية جرّاء نفاد المال، إلّا انّ النتيجة تبقى واحدة وهي انّ تشكيل الحكومة يبقى الخطوة الوحيدة لتنفيس احتقان الناس وغضبهم.
ولاحظت المصادر نفسها انّ هناك من أراد ان يضرب 4 عصافير بحجر واحد:
ـ العصفور الأول، انّ قرار رفع الدعم متخّذ وكان ينتظر التوقيت لإعلانه، وقد تمّت تهيئة الناس لهذا الأمر، وهناك من بدأ يقول أساساً فليرفع الدعم بغية إنهاء حالة الذل بطوابير البنزين، فضلاً عن انّ هذه الخطوة لا مفرّ منها عاجلا أم آجلا، وكانت تنتظر التوقيت المناسب.
ـ العصفور الثاني، ان يشكّل رفع الدعم ضغطاً على العهد من أجل ان يخفِّف قيوده وشروطه ويُسرِّع خطوات التأليف، لأن كل الضغط الشعبي في ظل غياب حكومة سينفجر في وجه العهد.
ـ العصفور الثالث، ترييح الحكومة العتيدة متى تألّفت من خطوة من هذا النوع، لأنّ رفع الدعم مسألة حتمية، ومن مصلحة حكومة جديدة ان تتعامل مع تداعياته لا ان تتخذ القرار برفعه نظراً لانعكاساته الشعبية. وبالتالي، من مصلحة ميقاتي ان يرفع الدعم قبل دخوله إلى السرايا.
ـ العصفور الرابع، جاء توقيت رفع الدعم قبل أسابيع قليلة من تَسلّم لبنان حصته من صندوق النقد الدولي البالغة 860 مليون دولار، والتي يمكن الاستفادة منها بطرق عدة وفي طليعتها تمويل البطاقة التمويلية.