وجه شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن كلمة لمناسبة رأس السنة الهجرية جاء فيها. "ألف وأربعمائة وثلاثة وأربعون عاما مضت على دخول رسول الله إلى ما صار لتوه دار الإسلام. دخل بكلمة الله ولكلمة الله ناقضا بذلك زمن الجاهلية. والدعوة كانت - وما زالت وستبقى إلى يوم الدين- كلمة التوحيد. والتوحيد هو التسليم لله الواحد الأحد، الذي أرسل رسوله بالحق:إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله...(النساء: 105). وكانت المساواة بين الناس، والعدل والمؤاخاة والألفة والأمر بالمعروف وهو كل محمود في الارتقاء الإنساني والنهي عن المنكر وهو كل ما من شأنه أن يحيد بفاعله عن مقاصد الشرع إلى مقاصد الهوى. وليس بالمنكر تبنى المجتمعات المنيعة، فكم من حضارة بشرية قدمت للإنسانية عصورا زاهية، فلما انصرفت إلى منطق القوة والتسلط وظلم الرعية واستباحة كرامات الشعوب وجحد روح العدالة، باتت كالعهن المنقوص، فانقضت أيامها وسقطت وانهارت".
واضاف: "ما من حاجة للتأكيد، بالنظر إلى الحالة اللبنانية الحاضرة في يومنا، بأن التنكر لمقومات وجود الوطن المكرسة بالدستور هو الدلالة على الاستهتار الكامل بإرادة ما سمي بالعيش المشترك، وهذا يعني العبث السياسي الكامل في غياب الحوار وروح المشاركة والرغبة بالتعاون والتصديق بالشراكة مع الآخر اللبناني، وهنا العلة الكبرى التي هي العجز عن ضخ الحياة الضرورية في مؤسسات الحكم، وأكثر ما يتجلى هذا العجز في مسألة المراوحة القاتلة في الفشل الوخيم في تشكيل حكومة عبر شهور تنهار فيها قطاعات البلد الواحدة بعد الاخرى، وكأن صراخ الشعب المنكوب يدوي في قفر قاحل".
وختم شيخ العقل: "الأول من محرم يوم مبارك. يوم للتباصر في معنى الإيمان، وهو إيمان نتشبث به في قلوبنا بما يكتنزه من قيم إنسانية خالدة، وبما يحثنا عليه من إدراك كنوز الفضائل التي بها يرقى الإنسان بمعناه وفق الإرادة الإلهية، وبما يحييه في السرائر من صوت الضمير واستشعار براءة الذمة من كل خبيث. نسأل الله أن يعيده على أمتنا بكل خير، وأن يلهمنا سبل الحق والصدق والإيثار، إنه هو الكريم الحليم".