جاء تأكيد الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي انه لا يضع سقفاً زمنياً لمهمته ليغلِّب المنحى التفاؤلي على التشاؤمي، لكن المشكلة انّ التفاؤل لا يستند إلى عوامل ملموسة وما زال يدور في الحلقة المفرغة نفسها، فلا ميقاتي قادر على التنازل عن سقف وزارة الداخلية حيال نادي رؤساء الحكومات السابقين وبيئته التي باتت تنظر إلى هذه الحقيبة كمعيار لعدم التنازل أمام رئيس الجمهورية، ولا الأخير في وارد التراجع عن انتزاع هذه الحقيبة، ما يعني انّ كل البحث في الحقائب الأخرى بلا جدوى في حال لم يتمّ التوصّل إلى حلّ هذه العقدة.
وهناك من يسأل مثلاً ماذا لو وافق الرئيس المكلّف على ان تكون وزارة الداخلية من حصة رئيس الجمهورية، هل تنتهي العقد عند هذا الحدّ وتتألف الحكومة فوراً، أم ستبرز عقد أخرى تعيد التفاوض إلى المربّع الأول وتُظهر ميقاتي أمام شارعه بأنه تنازَلَ وساوَمَ ولم يلتزم السقف الذي كان قد وضعه الرئيس سعد الحريري؟
يصعب الجزم بأنّ عقدة وزارة الداخلية هي العقدة الأخيرة في مسار التأليف، وذلك تأسيساً على العقد الأخرى التي تمسّك بها رئيس الجمهورية مع الحريري، وفي طليعتها حصته المسيحية وتسمية الوزيرين المسيحيين من خارج هذه الحصة، ناهيك عن مطلب «الثلث المعطِّل» المضمر وإسقاط الأسماء على الحقائب. ولكن قبل الوصول إلى الأسماء، ماذا عن المداورة التي يتمسّك بها عون مقابل طرح ميقاتي إبقاء القديم على قدمه؟ فهل نجح ميقاتي في إقناع عون بالتخلي عن المداورة؟
لا يبدو حتى اللحظة انّ عون تراجَع عن المداورة التي تتجاوز قدرة ميقاتي على حلها، وكان صريحاً مع عون، وفق ما سُرِّب، بدعوته إلى حلّ هذه العقدة مع الثنائي الشيعي، خصوصاً انّ رئيس الجمهورية يدرك انّ هذه العقدة ليست عند ميقاتي ولا يمكنه حلها. وبالتالي، ما السبب الذي دفعه إلى التمسّك بها؟ فهل هذا يعني انه لا يريد حكومة؟ ام انه يريد من ميقاتي ان يدفع ثمن تمسّك الثنائي الشيعي بوزارة المال بِتنازله عن وزارة الداخلية؟ أم يريد استدراج تدخُّل «حزب الله» لمنحه وزارة الداخلية او التفاوض في ملف آخر؟
وقد اكتفى الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، في إطلالته الأخيرة، بالتأكيد انّ الملف الحكومي هو في عهدة رئيس الجمهورية والرئيس المكلف من دون اي استِفاضة في هذا الموضوع، ما يعني أنه يرفض التدخّل في النقاش الدائِر بينهما، فيما أنه من المُبكر الكلام عن وساطات طالما انّ اللقاءات ما زالت تحافظ على وتيرتها ولم يدخلا في قطيعة تستوجِب التوَسُّط والتدخّل.
وعلى رغم هذه الصورة التي يطغى عليها الطابع السوداوي، إلّا انه من المعروف في لبنان انه متى وجِد القرار تُذَلّل العقبات في ساعات، فهل من قرار بتأليف الحكومة؟