لقد كان يوم أسود ومشؤوم عند تسليم السلطة الرئاسية والتنفيذية إلى قائد الجيش آنذاك ميشال عون من قبل الرئيس أمين الجميل (لظروف تلك المرحلة كما يبرر الرئيس الجميل).
تجلّى ذلك الشؤم بالحروب العبثية الخاسرة مع إعلانه "حرب التحرير" على الجيش السوري معلناً رفضه لإتفاق الطائف، ولم يعترف بشرعية الرئيسين رينيه معوض وإلياس الهراوي وصولاً إلى حرب الإلغاء التى شنها ضد سمير جعجع إلى أن شنّت القوات السورية عملية حاسمة اقتحمت فيها معاقل عون في بيروت الشرقية والقصر الجمهوري، وانتهت معها الحرب الأهلية في ١٣ أكتوبر ١٩٩٠ حين كان اول الهاربين إلى السفارة الفرنسية في بيروت تاركاً ضباطه وجنوده في أرض المعركة.
وبعد نفيه الى فرنسا، عاد إلى لبنان بفضل دم الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي تم اغتياله في وسط بيروت في ١٤ شباط ٢٠٠٥.
وما إن عاد إلى لبنان حتى بدأ بالمرحلة الثانية من حروبه الدوكوشيتية إبتداءً تأييده وتبريره لهجوم بيروت والجبل في ٧ ايار الأسود إلى الإبراء المستحيل وصولاً إلى احتلاله وسط بيروت مع حلفائه لأكثر من عامين.
لم يكتفي الرئيس القوي بكل ما سبق، لا بل اخترع ما يسمى بالثلث التضامن (اي المعطل) وتعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية لأكثر من عامين تحت شعار "انا او لا احد" بدعم من حلفائه وعلى رأسهم حزب الله.
لم يكتفي الرئيس القوي بكل هذا، لا بل إنه تم تعطيل الحكومات لأكثر من ٦ سنوات خلال الفترة الممتدة منذ عام ٢٠٠٥ إلى عام ٢٠٢١ بحجج واهية، تارةً تحت شعار الميثاقية وتارةً أخرى بحجة الديمقراطية التوافقية وحسن التمثيل وحقوق المسيحيين وصولاً إلى السبب الأهم بالنسبة إليه إلا وهو توزير الصهر المدلل وتأمين مستقبله السياسي.
وبعد تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تأليف الحكومة العتيدة، أصبحنا بحالة ترقب إلى آخر فرصة ممكنة لمحاولة إدارة الإرتطام الكبير المنتظر والمحتوم على أمل الإفراج عنها بأسرع وقت ممكن.
حمى الله لبنان من بسطاء العقول الذين صدّقوا كل هذه الأوهام، فسرى العنفوان في عروق بعضهم دفاعاً عن رئيسهم بائع الأوهام الذي أقل ما يقال عنه انه منفصل تماماً عن الواقع والمنطق وبعيد كل البعد عن الحقيقة ويعيش حالة إنكار لا مثيل لها بتاريخ لبنان الحديث.