في السياسة، اهتزاز متواصل؛ جبهات مفتوحة لم تتعب بعد من الصراع حول أتفه الأمور، وها هي تتلهّى عشية الذكرى الاولى للزلزال الكارثي في مرفأ بيروت، في صراع كريه حول الحصانات والتهرّب من المسؤوليّة. جبهات وقحة تقفز فوق المصائب التي حلّت باللبنانيين، فلا شيء بالنسبة إليها يعلو على صوت الكذب والدّجل والشعبوية والشّحن السياسي والطائفي، فهدفها الأسمى هو الانتخابات والمقامرة، لا بل المغامرة بمصير وطن وشعب من أجل مقعد نيابي هنا وهناك.


 

كلّ العالم الصديق والشقيق، أجمع على حكومة باتت حاجة ملحّة لأخذ دورها في مواجهة الأزمة، فطيّر المنحى التعطيلي تكليفين، وأمّا التكليف الثالث، فيحاول أن يجرّب حظّه إن كان في مقدوره الصّمود والإفلات من قبضة المعطّلين، وبعضهم بدأ يطلّ برأسه منزّها نفسه ومتعفّفاً ومتعالياً على المشاركة في الحكومة، ونائياً بنفسه عن التدخّل في تأليفها، ويقول إنّه لا يريد شيئاً، ثم ترى حقيقة موقفه تظهر في فلتات لسانه، ويشترط «إننا نريد حقوقنا»، ويتوعّد «إن لم تتشكّل الحكومة كما نريد فلن نكون ساكتين»؟!

 

هذا المنحى لا يبشّر إن رُكن إليه، على ما كان عليه الحال مع التكليفين السابقين. وبحسب معلومات موثوقة لـ»الجمهورية»، فإنّ القلق من هذا المنحى، أُبدي صراحة في مجالس الشريكين في تأليف الحكومة، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، وكان التزام متبادل بينهما بأقصى درجات التعاون خارج أي مؤثرات.

 

نَفَسُ الشريكين؛ وكما يحرصان على إظهاره، إيجابي حتى الآن، وهو ما يلاحظه أيضاً سائر المعنيين بالملف الحكومي، ولكنّ اللقاءات الثلاثة التي عقداها منذ تكليف ميقاتي، مع ما جرى فيها من طرح صيغ وتبادل افكار وتسجيل ملاحظات، لم تحقّق شيئاً يعتدّ به، سوى اشاعة مناخ هادئ يمكن أن يفتح الطريق على تفاهم. يعني ذلك أنّ الأمر ما زال في إطار التمنيات لا أكثر.