المناخ السائد منذ تكليف الرئيس نجيب ميقاتي يبعث على الاعتقاد بأنّ نفسا سياسيا جديدا سيُقارب تأليف الحكومة.
قد يصح هذا الإعتقاد، وفي ذلك مصلحة للبنان حتماً، لكن تجربة التعطيل التي امتدت على نحو سنة من المماحكات تبعث على الحذر الشديد من ان يكون المناخ السائد حالياً مجرّد نوبة تفاؤل مؤقتة، سرعان ما سينتهي مفعولها عندما يغوص الرئيسان ميشال عون ونجيب ميقاتي في تفاصيل التشكيلة الحكومية اكثر فأكثر، علماً أنّ بعض الاشارات قد بدأت تتعالى في اجواء اللقاء الثاني الذي عقد بينهما امس، توحي بضابية داكنة، توازَت مع كلام عالي السقف من جانب الفريق الرئاسي يحذر الرئيس المكلف من أن يكون ضحية جديدة من ضحايا الرئيس سعد الحريري.
في هذه الأجواء، زار الرئيس المكلف القصر الجمهوري للمرة الثانية خلال 24 ساعة وبحث مع رئيس الجمهورية في مسودة حكومية من 24 وزيراً. تقاطعت المعلومات حولها بأنّها مشوبة بعقدة كبيرة تتمثّل في مصير وزارة الداخلية، خصوصاً انها مُحاطة برغبة عون في أن تبقى من حصته، فيما يتمسّك الرئيس المكلف بأن تكون من ضمن الحصة السنية.
وعكس الرئيس المكلّف، بعد اللقاء مع عون الذي استمر لنحو نصف ساعة، أجواء غير متشنجة بقوله: «نسعى والرئيس عون إلى تشكيل حكومة بأقصى سرعة، وقدمتُ اقتراحاتي ومعظمها لاقى قبولاً لدى الرئيس عون، وأنا آخذ كل ملاحظات فخامته في الاعتبار، وان شاء الله نصل إلى حكومة قريباً». وخلص إلى القول: «إسعَ يا عبدي لأسعى معك، وانشالله يكون في حكومة قريباً».
وفيما افادت مصادر مطلعة انّ عون وميقاتي سيلتقيان اليوم ايضاً من اجل مزيد من النقاش، تحدثت معلومات عن انّ رئيس الجمهورية أبدى ملاحظاته على تصوّر ميقاتي على ان يتوسّع بالملاحظات بعد درسها بما يتناسب والتوجهات المتّفَق عليها. وقالت المصادر: «الموضوع لا يقتصر على حقيبة بل انّ التوزيع العام للحقائب ما زال محط أخذ ورد، وكل عملية التوزيع ما زالت قيد البحث»، معتبرة أنّ حقيبة وزارة الداخلية قد تكون واحدة من العناوين البارزة.
واعلنت رئاسة الجمهورية انّ عون تابعَ مع الرئيس المكلف درس موضوع الحكومة العتيدة، وانّ ميقاتي قدم له لائحة بتوزيع الحقائب الوزارية واطلع عليها تمهيداً لإبداء ملاحظاته عليها ودرسها في العمق بما يتناسب مع التوجهات العامة للحكومة الجديدة، وستستكمل البحث بعد ظهر غد (اليوم).
وفي رواية ثانية كشفت مصادر، اطّلعت على مضمون اللقاء الثاني بين عون وميقاتي، انّ الاخير سلّم رئيس الجمهورية لائحة بتوزيع الحقائب الوزارية على الطوائف وهي تشكيلة من 24 وزيراً، كما تم الاتفاق منذ اللقاء الاول بينهما بعد الاستشارات النيابية غير الملزمة التي اجراها ميقاتي أمس الأول.
وقالت المصادر لـ«الجمهورية» انّ عون سجل سلسلة من الملاحظات بعد الاطلاع على الهيكلية التي قدمها ميقاتي، خصوصاً انه اقترح إبقاء وزارتي الداخلية والعدل في عهدته ووضعهما في لائحة الوزراء السنة، مع انّ ميقاتي يعرف ان رئيس الجمهورية يطالب بهما.
وقالت المصادر انّ عون سجل ملاحظات على حقائب اخرى من الحصة المسيحية، ولم توفّر الهيكلية الجديدة له ما أراده من توزيعتها. وبينم لم تَشأ المصادر الاشارة الى الحقائب التي خضعت لملاحظات عون، قالت ان حقيبة وزارة الطاقة ليست من بينها ولا حقيبة الشؤون الاجتماعية.
واكدت المصادر القريبة من بعبدا انّ المناقشات كانت جدية، ونقلت عن ميقاتي قوله انه سيتشاور مع مَن سمّاهم حلفاءه قبل العودة اليوم الى بعبدا.
وعلمت «الجمهورية» انه في نهاية اللقاء اتفق الرئيسان على العودة الى لقاء يعقد اليوم بينهما لاستكمال البحث في عملية توزيعة الحقائب بعدما اعتبرت بعض ملاحظات الرئيس حول الحقائب غير الامنية والعدلية قابلة للنقاش، ما يعني انّ باب المفاوضات لم يقفل كما حصل من قبل بين عون والحريري.