"ألزموهم بما ألزموا به انفسهم"، إنطلاقا من هذه الزاوية تحديدا، كانت الهجمة الشعواء المستنكرة والمستهجنة حد الصدمة ممن هم خارج البيئة الحزبية، على عرس إبنة نائب حزب الله نوار الساحلي " المنتمي " لهذا الحزب الديني وبموقعه المسؤول، وما تخلل العرس من كل مظاهر ألمجون وألترف وألبزخ وألمنكر وألرجس وأللغو والطرب وإلاختلاط والسفور وما عداها من موبقات وكبائر لا تمت البتة الى القيم الدينية التي من المفترض ان يحملها ويمارسها أصغر عنصر بالحزب فضلا عن كبار المسؤولين فيه إلا أنني لن أتناول هذه الفضيحة الكبرى بما يخص النائب الحزبي وما قد يترتب عليه من قرارات تنظيمية قد تتخذ بحقه بعد الضرر الكبير الذي تسببه للحزب ومصداقيته، لان ما يعنيني بشكل مباشر هو ردة الفعل عند جمهور واسع من بيئة حزب الله وما تحمله من دلالات، والتي كما هو ظاهر من تغريدة الاعتذار للساحلي أنها كانت ردة فعل عاصفة حملت الكثير من الإدانة والشعور الكبير بالإساءة لدى هذا الجمهور.
والجدير بالذكر، ان بعد مرور أقل من أربعة وعشرون ساعة على خبرية العرس الخطيئة، إرتكب الحزب جرما هو بالمعايير الإلهية والأخلاقية والوطنية والإنسانية أعظم بما لا يقاس من " جريمة " العرس التي قد تعتبر ومهما عظمت، خطيئة فردية وشأن شخصي مهما حملت من أبعاد عامة، بكون الساحلي نائبا ومسؤولا،
الجرم الأعظم والفضيحة الأكبر، يكمن في تسمية كتلة الوفاء للمقاومة لنجيب ميقاتي المتهم بشكل صريح وواضح بملفات فساد ضخمة لا تخفى على أصغر متابع، فضلا عن إتهام الحزب نفسه سابقا، لهذا الشخص بدعمه للجماعات الارهابية إن في لبنان أو في سوريا والتي دفع الحزب المئات من شبابه ثمنا لمحاربتها بحسب الروية الحزبية ! .
إقرأ أيضا : ولاية الفقيه بين الاحواز وجبل عامل
الملفت هنا، وبعد رصد لمجمل الصفحات الشخصية والعامة المرتبطة ببيئة الحزب، تجد ان خطوة تسمية ميقاتي لم تنل أي من ردود الفعل المستنكرة والرافضة، بل إن الصمت المطبق هو المخيم فوق رؤوس الجماهير فلا معترض ولا منتقد ولا حتى مستغرب او مندهش،
هذا التناقض الضخم والهائل بين هجمة استنكارية قام بها الجمهور ومعه عشرات من العمائم الحزبية على " منكر " العرس لابنة نوار، وبين الخنوع والسكوت حد الرضى عن جريمة وخطيئة وفظاعة تسمية فاسد فاجر مستحل لمال الله، لتولي رئاسة الحكومة ! هذا التناقض الكبير والخطير لم نجد له مثيلا إلا عند اهل الكوفة في عام 62 للهجرة يوم واقعة كربلاء.
ويذكرنا هذا التفاوت بردات الفعل الناتج حتما عن الخلل الثقافي والفكري، والإنحطاط بالوعي الجمعي والتخلف عن فهم مقاصد الشريعة الاسلامية، والتي يعمد حكام الجور وعمائم البلاط عن سابق تصور وتصميم بزرعه في عقول أتباعهم فقط لخدمة سلطانهم وبقائهم على عروشهم، يذكرنا بالسردية العاشورائية التي ما برح قراء العزاء من ذكرها كل عام من على المنابر الحسينية وفي مجالس العزاء، عن ذلك الكوفي (رجل من الكوفة) الذي إلتقى بالامام زين العابدين( ابن الامام الحسين ) في الكعبة المكرمة بعد مضي أعوام على واقعة كربلاء الاليمة، ليسأله عن الحكم الشرعي لطوافه حول الكعبة وقد قتل بالاثناء بعوضة لا يزال دمها على يده !!
فسأله الامام من اي البلاد انت ؟ قال من الكوفة، وسأله هل حضرت واقعة كربلاء ؟ قال بلا وكنت يومها من عداد جيش عمر بن سعد .
فنقول إذا كانت الثقافة الكوفية التي كانت سائدة يومها هي التي قتلت الإمام الحسين، فإن الثقافة الكوفية السائدة بين جمهور حزب الله اليوم هي التي قتلت وتقتل لبنان وشعبه .