كتب محمد شقير: "يبدو أن الأكثرية النيابية تميل إلى تسمية الرئيس نجيب ميقاتي لتشكيل الحكومة الجديدة في الاستشارات النيابية الملزمة التي يجريها رئيس الجمهورية ميشال عون، الاثنين المقبل، هذا في حال أنه استجاب لطلب معظم الكتل النيابية وقرر الترشح في نهاية الاتصالات المفتوحة التي لم تنقطع بينه وبين أبرز المكونات السياسية الرئيسة في البرلمان في محاولة لإقناعه بأن يكون البديل لخلافة الرئيس سعد الحريري الذي اعتذر عن تشكيل الحكومة.
ويعزو مصدر سياسي بارز امتناع عون عن تأجيل الاستشارات النيابية إن لم تكن لأسباب مبررة إلى أنه يريد توجيه رسالة إلى المجتمع الدولي يقول فيها إنه مع تشكيل الحكومة اليوم قبل الغد في محاولة لتبرئة ذمته من اتهامه بتعطيل تشكيل الحكومة.
ويكشف المصدر لـ"الشرق الأوسط" أن القاهرة تواصلت مع باريس فور اعتذار الحريري وأبلغتها بأن الأخير قدم كل التسهيلات وأبدى مرونة كانت وراء موافقته على زيادة عدد أعضاء الحكومة من 18 إلى 24 وزيراً، لكن التعطيل جاء من عون وباسيل وهذا يتطلب من المسؤولين الفرنسيين أن يحددوا موقفهم من الجهة التي عطّلت تشكيلها وتمادت في إسقاط شروطها على الحريري.
ويلفت إلى أن القاهرة أبلغت باريس بأنه لم يعد جائزاً المساواة بين مَن يسهّل تشكيل الحكومة وبين مَن يعرقلها، وبالتالي وضعهم في سلة واحدة. ويؤكد أن المستشار الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل اتصل بباسيل فور اعتذار الحريري ولمّح له بوجود قرار لدى دول الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على المعطلين، وكان رد فعله بأنها لن تقدم أو تؤخر ما دامت العقوبات الأميركية المفروضة عليه لا تزال سارية المفعول.
ويتوقع المصدر نفسه أن استجابة ميقاتي لرغبة الأكثرية النيابية في الترشح لتشكيل الحكومة الجديدة ستؤدي حتماً إلى إعادة خلط الأوراق السياسية في البرلمان بداخل ما تبقى من أطراف سياسية تنتمي إلى محور الممانعة، مع أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري كان السبّاق في التموضع في منتصف الطريق، وهذا ما أتاح له حرية التحرك ليكون بمثابة نقطة ارتكاز تدفع باتجاه وقف الانهيار بتشكيل حكومة مهمة تلتزم بخريطة الطريق التي رسمها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإنقاذ لبنان.
ويؤكد أن اتصالات بعيدة عن الأضواء أُجريت بقيادة "حزب الله" لاستكشاف موقفها في حال أن الاتصالات أدت إلى إقناع ميقاتي بالترشح لتشكيل حكومة هي الثالثة له منذ دخوله المعترك السياسي، ويقول إنها لا تعارض تكليفه، لا بل مستعدة لتأييده وإن كانت تدعو إلى مراعاة باسيل ولو من باب إعطائه جائزة ترضية يراد منها الوقوف على خاطره.
ويضيف المصدر نفسه أن بري أعاد تشغيل محركاته فور اعتذار الحريري، ويقول إن تواصله معه لم يتوقف وأن الأمر نفسه ينسحب على ميقاتي الموجود خارج لبنان، من دون أن يُسقط من حسابه إمكانية عقد لقاء بين الحريري وميقاتي في باريس يسبق حلول موعد الاستشارات النيابية.
ويؤكد أن بري على تواصل أيضاً مع قيادة «حزب الله» وهذا ما يكشفه قيادي بارز في حركة «أمل»، ويقول إن الحزب ليس في وارد توفير الغطاء السياسي لحكومة من لون واحد كحكومة حسان دياب المستقيلة التي لم تعد تحرك ساكناً وتكاد تكون غائبة عن السمع لمصلحة «حكومة الظل» التي تتشكل من المجلس الأعلى للدفاع برئاسة عون والتي صادرت صلاحيات دياب ومجلس الوزراء مجتمعاً وتخالف الدستور بإصدار قرارات بعضها سرّي، مع أن دور مجلس الدفاع يبقى تحت سقف إصدار التوصيات ورفعها للحكومة التي يعود لها اتخاذ القرارات المناسبة.
ورداً على سؤال يقول المصدر إن الحزب ليس في وارد الدخول في اشتباك سياسي مع الطائفة السنية، وهو لذلك يرفض تكرار تجربة حكومة دياب برئيس آخر، ويؤكد أن الحزب لا يمانع أبداً تكليف ميقاتي لأنه يريد أن يبعد عنه التهمة التي تلاحقه بتأخير تشكيل الحكومة إلى ما بعد جلاء الموقف على جبهة المفاوضات الأميركية - الإيرانية الجارية في فيينا، إضافةً إلى تهمة أخرى على خلفية مراعاته لباسيل واستجابته لشروطه التي من دونها لن يفرج عن تشكيلها.
وعليه يبقى من السابق لأوانه الحديث عن المرشحين لتولي رئاسة الحكومة، مع أن باسيل يحبّذ النائب فيصل كرامي ما لم يقُل ميقاتي كلمة الفصل حول ترشحه الذي يلقى معارضة من قِبل عون وباسيل لانعدام الكيمياء السياسية بينهم، إضافةً إلى أن تكليف ميقاتي يعني امتداداً من حيث انتهى إليه الحريري وصولاً إلى التزامه بالسقف السياسي الذي حدده بالتوافق مع ميقاتي ورؤساء الحكومة السابقين الذين هم على تشاور، تحضيراً للقرار النهائي الذي سيصدر عنهم فيما يتعلق بترشيح ميقاتي الذي يرفض في حال موافقته على تشكيل حكومة محاصصة تسري عليه أولاً، ومن ثم على الآخرين".