يعرف حزب الله تماما بقرارة نفسه أنه إرتكب جريمة كبرى حين سار بحكومة اللون الواحد برئاسة حسان دياب، بعد فرضه لمرشحه ميشال عون لرئاسة الجمهورية،
فإذا ما كانت خطيئة الرئاسة مبررة نوعا ما، بكون ميشال عون يُعتبر مرشحا طبيعيا لانه يحوز على أكبر كتلة نيابية مسيحية، إلا ان الإتيان بشخصية هزيلة كحسان دياب في لحظة إنهيار كبير فلا مبرر لها ولا مسوغ على الاطلاق، اللهم الا إرضاءا لنرجسية وصبيانية صهر العهد المدلل ولو على حساب البلاد والعباد.
حاول الحزب إستدراك هذه الخطيئة الكبرى، ولكن ليس من خلال الذهاب إلى حكومة إصلاحية حقيقية، يترأسها شخصية من خارج نادي المافيا الفاسدة، وهو ما يعتبرالممر الاجباري والوحيد لإنقاذ ما تبقى من هيكل الدولة المتهاوي، وإنما حاول الحزب التذاكي مرة جديدة على اللبنانيين اولا وعلى المجتمعين الدولي والعربي من خلال إتباعه لنفس الإسلوب القديم البالي والمفضوح، فعمل على تحشيد أكثرية نيابية ممن يدورون بفلكه لتسمية سعد الحريري من جديد، بعد ان كان أسقطه الشارع الغاضب.
الولادية السياسية عند الحزب إعتبرت ان عدم تسيمة كتلة الوفاء للمقاومة لسعد الحريري، ستكون بمثابة جواز سفر للحريري، يخوله الدخول الفوري الى المملكة السعودية أولا، والى دول القرار العالمي ثانيا، وستفتح له بعد ذلك خزائن وصناديق العالم بمن فيهم خزائن السعودية، فتتدفق الاموال الداعمة من جديد، وتعود معها ليالي الانس عند السلطة الفاسدة، ويتفرغ الحزب بعدها لدعم الحوثيين وبشار الاسد وهو مطمئن لساحته الداخلية.
إقرأ أيضا : إخفاق نبيه بري، ونجاح كامل الاسعد (الجد)
ببساطة، وقفت السعودية لتقول ان هذه الالاعيب السخيفة لم تعد تجدي نفعا، وان التساهل الذي كان سائدا من قبل، ومد يد العون ودفع المساعدات للسلطة الموجودة والمتحكمة، وسرقاتها للمال العام، وإستعمالها له في غير موضوعه هذا الزمن قد ولى الى غير رجعة، وأن القرار السعودي الآن هو تقديم مصلحة الشعب اللبناني وليس تحقيق بعض المكاسب السياسية وتسجيل النقاط ، فصار بذلك إعتبار المقرب لديها، والمحظي عندها هو من يعمل لمصلحة الدولتين والشعبين اللبناني والسعودي، بعيدا عن انتمائه الديني والمذهبي، وعليه فلا حراجة عندها بأن يكون سمير جعجع بما يحمله من مشروع سيادي وتجربة وزارية نظيفة وبعيدة عن الفساد، هو أقرب لها من "بي السنة" الغاطس الى فوق رأسه بالفساد والمحاصصة وبدون اي رؤية سياسية الا تحقيق مصالحه الشخصية والحزبية الضيقة.
هذا الموقف السعودي العظيم، يمكن إعتباره أهم دعم ومساندة للشعب اللبناني، يكاد لا يقل أهمية عن الهبات والمساعدات والودائع المالية التي ما بخلت فيها المملكة يوما على لبنان، وتعتبر خطوة كبرى على طريق إضعاف الزمرة الفاسدة، فقد ساهمت بشكل كبير الى جانب رعونة فريق رئيس الجمهورية، لعدم تكرار التجارب الحكومية الفاشلة، التي لم يعد لبنان يحتملها، وتضر كذلك بمصالح المملكة.
صحيح اننا إنتظرنا تسعة أشهر حتى إقتنع سعد الحريري أخيرا بأن لعب دور القناع لتغطية الوجه الحقيقي لمشروع حزب الله وإمساكه بقرار السلطة التنفيذية، لم يعد مسموحا، وصار من الماضي، فلم يجد بذلك بدا من الاقدام على الإعتذار، وجنبتنا المملكة بذلك وقت إطول وخسائر أكبر بكثير، كنا سنتكبدها لو كان نجح بمهمته بتشكيل حكومة تطيل عمر المافيا وسرقاتها، فشكرا للسعودية .