يتمركز الملف الحكومي في الغرفة السوداء، مقيّداً بملهاة التعطيل المتعمد منذ 9 اشهر، ومعطّلة فيه لغة الكلام بين من يفترض أنّهما شريكان في تأليف الحكومة؛ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الثابت على معاييره، والرئيس المكلّف سعد الحريري الثابت على مسودة حكومية، الى جانب مجموعة خيارات يدرسها، ومن بينها خيار الاعتذار. وفي محاذاتهما ما بات يُسمّى تصادم الروايات والتنجيمات التي تؤرجح اعتذار الرئيس المكلّف وفق الرغبات بين قائل بقربه، وبين قائل ببعده ولا جدّيته وواقعيته.
على انّ الثابت وسط ذلك، هو انّ مقاربات المعنيين بالملف الحكومي تتقاطع عند التسليم النهائي باستحالة التوافق بين الشريكين على حكومة، مع فشل كلّ المبادرات في خرق الجدار العوني والحريري، ومحاولة بناء مساحة مشتركة بينهما، فكلاهما يعتبران أنّهما قدّما أقصى الممكن مما يعتبرانها تنازلات وتسهيلات، ولا مجال للبحث في أكثر من ذلك.
والثابت ايضاً انّ الوسطاء على خط الشريكين محبطون، واعترف بعضهم لـ»الجمهورية» بفشل مساعيهم، وعجز كلّي عن ردم هوة الخلاف بين عون والحريري؛ «فكلما اعتقدنا اننا تقدّمنا خطوة، نجد أنفسنا اننا رجعنا خطوات الى الوراء، صرنا مقتنعين انّ اطراف التأليف الحكومي، ليسوا معنيين بتشكيل الحكومة على الاطلاق، بقدر ما يعنيهم التحضير للانتخابات النيابية وممارسة لعبة شدّ العصب اليها على حلبة التأليف وتسخينها بالشروط المتبادلة والمعايير المرفوضة. مع الأسف اولويتهم انتخابات وليس النظر الى ما آل اليه حال البلد والناس».