كما في كل مرة، انقسم جمهور الثنائي انقساما عموديا، ودارت بينهما حرب "اقليم " جديدة ميدانها كما جرت العادة هذه الايام على صفحات السوشيال ميديا، بمجرد أن أحد المواقع الالكترونية "Media Fectory News " نقل عن " مصادر مطلعة" (أن الرئيس بري أبلغ حزب الله أنه يرفض أن يتم تفريغ النفط الإيراني في خزانات منشأة الزهراني في حال قرر حزب الله إستيراده)
تلقف جمهور الحزب هذا الخبر وأخذ يوزعه على صفحاته الخاصة (فيس بوك – وتس أب)، باعتباره حقيقة دامغة وبمثابة الجواب الشافي والمخرج الاوحد من كل الإحراجات التي يواجهها جمهور الحزب عند السؤال الملح الذي يطرح عليهم يوميا من بيئتهم عن البواخر الايرانية المنتظرة !!
ليتحول الرئيس بري ورفضه للبنزين الايراني، بنظر جمهور الحزب ومن يدور في فلكه هو الحجة الدامغة والمبرر الاقوى عن عدم ايفاء السيد بوعده، وبالتالي فإن كل هذه الطوابر المذلة على محطات البنزين إنما سببه هو حصرا الرئيس بري، وهذا ما يفسر برأيهم تراجع نصرالله بحديثه الاخير عن التبشير بتلك البواخر والاستعاضة عنها بالعروض الروسية والوفد الروسي والذهاب شرقا لحل أزمة البنزين والكهرباء.
وبمجرد الدخول وتصفح الموقع المذكور وبدون الحاجة الى السؤال عن من يقف خلفه تتلمس بمقالاته وفيديوهاته العداء المستحكم للرئيس بري، والميل السياسي للموقع ناحية التيار العوني، إلا أن هذا غير مهم عند جمهور الحزب، فالمهم الآن هو اختراع إجابة شافية تبرر نكث السيد بوعده ولو بإلصاقها بالحليف والاخ الاكبر ! .
تماما كما يبرر هذا الجمهور ولو بالهمس وبالصالونات المغلقة، إمتناع الحزب عن ما وعد فيه قبيل الانتخابات بمحاربة الفساد، فيصطدم بعد الانتخابات ب "وحدة الطائفة" كإيحاء دائم بأن الفساد كله يتجسد بالرئيس بري دون غيره، وكأن اكتشاف "وحدة الطائفة" ظهر فجأة بعد الانتخابات وحصد الاصوات!!
إقرأ أيضا : السفيرتان شيا وغريو تنضمان لثورة 17 تشرين
طبعا، لست هنا بوارد الدفاع عن الرئيس بري ولا عن أدائه طيلة هذه السنوات واعتباره مسؤولا أساسيا بما وصلنا إليه، إلا أن الرئيس بري أذكى بكثير من أن يدلي هو أو مصادره بتصريح يرفض فيه قدوم بنزين ايراني وهو يدرك تماما أن هذه البواخر ما هي إلا بواخر وهمية لا وجود لها أساسا ، وأن أزمة البنزين بإيران نفسها هي أكبر بكثير من جعل ايران بموقع يسمح لها بمساعدة لبنان.
صحيح أن التبريرات التي سيقت بالتصريح المذكور، هي تبريرات واقعية جدا، وتنسجم مع رؤية بري بمقاربة "العقوبات الاميركية" على ايران وما سوف يشكله هذا الامر من ضرر كبير على لبنان في حال حصوله! الا أن هذا لا يعني صحته، وما زاد في انتشاره هو عدم صدور أي نفي عن عين التينة، مما أضفى شي من المصداقية على الخبر الهجين.
يبقى السؤال هنا، هل تسريب هذا التصريح جاء بالتنسيق مع دوائر الحزب وبموافقة بري بهدف إنزال السيد (الاخ الاصغر) عن شجرة وعده المستحيل، واستعمله جمهور الحزب جهلا للتصويب على بري، أم هو مجرد فبركة إعلامية تعكس حقيقة التباين والانقسام في صفوف قواعد الطرفين، التي لا تجمعهم هذه الايام سوى الوقوف في طوابير الذل ؟!
لن يحسم الجواب على هذا السؤال الا المكتب الاعلامي بعين التينة، والى ذلك الوقت نحن بإنتظار تصريح آخر يعلن فيه بري رفضه المطلق للعروض الروسية المدعاة .