في خطابه بالأمس ظهر السيد حسن نصرالله أمين عام حزب الله بمظهر المُتعفّف الزاهد في السلطة، المُسالم الساعي لما فيه خير اللبنانيين أجمعين، يتحرّى الأصلح والأفضل للشعب اللبناني المنكوب في هذه الأيام الحالكة، وذلك جرياً على مذهب أهل الإعتزال، الذين كانوا يذهبون إلى أنّ الله تعالى يتحرّى الأصلح لعباده، لذلك حاول السيد نصرالله معالجة الأزمة الحكومية المُغلقة والمستعصية على كلّ حلّ، وذلك بتأكيده على أنّه لا يسعى إلاّ إلى إحقاق الحقّ، فعندما تناهى إلى سمعه بأنّ الوزير السابق جبران باسيل يسعى للحصول على الثّلث المُعطّل أو الضامن، أفتى سماحته ببُطلان ذلك،هذا مع لفت النّظر إلى أنّ باسيل "الناسك" صرّح أكثر من مرّة إلى أنّه لم يسعَ لذلك في يومٍ من الأيام، كما أنّه عندما قيل له بأنّ رئيس الحكومة المُكلّف يحاول أن ينال من صلاحيات رئيس الجمهورية في المشاركة بعملية تأليف حكومة جديدة، فوقف سماحته إلى جانب رئيس الجمهورية، وقال بأنّ هذه هي الصلاحية الوحيدة التي حفظها دستور الطائف لرئيس الجمهورية، لذلك يتوجّب عدم المسّ بها، وذلك إحقاقاً للحقّ طبعاً، ولعلّ "موهبة" الرئيس نبيه بري في عُرف السيد نصرالله، دون الإفصاح عن ذلك بالطبع، هي سعيه الدائب لعقد التسويات، وتدوير الزوايا، ولربما "الإلتفاف" على الحقوق، لذلك يُعهد له ان يجتهد في اجتراح معجزات لتأليف حكومة جديدة استعصت على حُكماء البلد، أمّا صديق السيد نصرالله الوزير جبران باسيل، فهو لا يزال رجُل الحقّ و الخير والصلاح، الذي يجب مراعاة خاطره، والسّعي لإحقاق حقوقه، والتي ما زالت في عُرف السيد نصرالله ومنطقه، مشروعة ومقبولة وضرورية، لذا يجب الإسراع في الإستجابة لها، لأنّها طريق الخلاص الوحيدة المُتاحة اليوم قبل الهلاك المحتوم، وبحمده تعالى، لم يذهب السيد نصرالله بالأمس إلى حدّ القول بأنّ باسيل هو الحقّ والحقّ يدور حيث دار، كما أُثِر عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، بقوله: عليٌّ مع الحقّ، والحقّ يدور معه حيث دار.
إقرأ أيضا : حين يأمرك السّيد يا باسيل: ألقِ عصاك واخلع نعليك، ستمتثل صاغراً.
كلّ ما نرجوه أن لا يكون كلّ ما يقوله السيد نصرالله من قبيل الكلام الحقّ، الذي يُراد به باطل، كما جابه به الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، الخوارج عندما قالوا بأن لا حكم إلاّ لله، فقال لهم: كلامُ حقٍّ يُراد به باطل، ولا بُدّ لكم من أميرٍ بِرٍّ أو فاجر.