لم يعد في يوميات المواطن اللبناني سوى المزيد من الإذلال، سوى المزيد من القهر، والمزيد من الطوابير، الطوابير أمام انعدام الأخلاق، وانعدام المسؤولية لأهل السلطة وأحزابها وزعمائها، السلطة التي تجردت من كل القيم الأخلاقية، من كل القيم الوطنية، من المسؤوليات، من مقومات الدولة، وبات اللبنانيون أمام اللا دولة، أمام مافيات موصوفة تدير عمليات النهب والسرقة والفساد أمام كل تلك الطوابير و "على عينك يا تاجر" وما زالت وستبقى حتى الرمق الأخير من قدرتها على السرقة والفساد بزعامة كل الزعماء قديمهم وجديدهم والطارؤون صغيرهم وكبيرهم وحيهم وميتهم.
هذه المأساة من قديمها وجديديها هي هندسة لبنانية هي تخطيط لبناني هي لبنانية قبل الحصار وبعده قبل أميركا وبعدها ولذا كفوا عن خطابات التضليل، وكفوا عن خطابات الكذب، لسنا محاصرين بقدر ما نحن منهوبين، ولسنا محاصرين بقدر ما ما نحن رهائن لسياسيينا وزعمائنا وأحزابنا، ولسنا محاصرين إلا بما كسبت أيدي هذه الطبقة السياسية التي تسرق وتنهب وتفسد وما زالت تعيث بنا فسادا وخرابا.
وفّروا خطاباتكم واصمتوا لنرتاح قليلا من الكذب، اصمتوا لننظم صفوفنا في الطوابير، أصمتوا قليلا لنبحث عن بدائل لأدويتنا وعن مصادر تقينا الموت على أعتاب شركات المستشفيات ومافيات القطاع الصحي.
إقرأ أيضا : لعنة أن تكون لبنانيا!!
لم نعد بحاجة إلى الخطابات، كل خطاباتكم جزء من المشكلة، كل خطاباتكم جزء الكارثة، قولوا الحقيقة أو اصمتوا، قولوا من سرق الدولة أو اصمتوا، قولوا من سرق قوت اللبنانيين ودواءهم ومؤسساتهم أو اصمتوا.
من الإعلان النفطي للرئيس عون إلى لبنان دولة نفطية للوزير باسيل إلى بواخر البنزين للسيد نصر الله يستمر التخدير والتضليل، يستمر الهروب من الازمة إلى تفاصيل خادعة ومملة، إلى لعبة الطوائف، وإلى مسرحية الصلاحيات، إلى شعارات الممانعة، تلك الشعارات التي منعت قيام الدولة، ومنعت الوقوف في وجه السرقة والفساد، ومنعت وقف التهريب، ومنعت المحاسبة، ومنعت استعادة الأموال المنهوبة.
تحت شعار الممانعة اليوم يمنع اللبنانيون من التظاهر، ويمنعون من الثورة، ويمنعون من المطالبة بأبسط الحقوق وفقط لحماية التحالفات الممجوجة، التحالفات التي باتت اليوم على حساب اللبنانيين جميعهم، تحالفات لحماية منظومة النهب والسرقة، تحالفات لحماية حيتان الفساد وتكريس الطائفية كقدر لا يمكن الاستغناء عنه حتى لو مات اللبنانيون جميعهم وكل ذلك زورا وبهتانا تحت شعار حماية المقاومة ودرء الفتنة.
إقرأ أيضا : تعاميم حزب الله لا تقنع جمهوره!!
الخطاب إما أن يؤسس لحل المشكلة من جذورها وتسمية الأشياء بأسمائها أو هو خطاب تضليلي لا يقدم ولا يؤخر، لم يعد اللبنانيون بحاجة خطابات للتخدير والوعود والتحشيد الطائفي، لم يعد اللبنانيون بحاجة خطابات "قلي وقلتلو" ولا إلى خطابات الغزل السياسي "صديقنا بري" و "حليفنا جبران" .
لم نعد بحاجة إلى خطابات على شاكلة خطابات النفط "العونية" التزموا في خطاباتكم مصلحة اللبنانيين أو اصمتوا، فتشوا عن حلول جذرية من ضمنها فضح منظومة السرقة ورفع الغطاء عنها أو اصمتوا.