لم يحصل أن شارك الإتحاد العمالي العام في أي تظاهرة شعبية مطلبية محقة، ولم يظهر الإتحاد على الشاشات اللبنانية منذ انطلاقة ثورة 17 تشرين، وهو أيضا كان غائبا كليا عن معاناة اللبنانيين منذ بدء الأزمة الاقتصادية والمالية والمعيشية منذ اكثر من سنة، وما حصل يوم أمس في شوارع بيروت تحت مسمى إضراب الاتحاد العمالي العام كشف مستوى الكذب والتضليل والابتزاز، وكشف أيضا كم ان هذا الاتحاد وغيره من النقابات والإتحاد لم يكونوا يوما على مستوى آمال وتطلعات البنانيين وعمال لبنان بل كانوا وما زالوا مجرد ازلام وتوابع للسلطة السياسية ومكوناتها من الزعامات والأحزاب.
تحول الإتحاد العمالي العام في لبنان إلى مجرد مؤسسة تحت إمرة السلطة ونافذيها وفقد مصداقيته وشفافيته وتجاوز ما وجد من أجله وهو السهر على حماية العمال والمطالبة بحقوقهم والوقوف إلى جانبهم، فتحول يوم أمس إلى اتحاد غبّ الطلب السياسي بهدف الابتزاز وتحشيد الرأي العام وفقا لأجندات سياسية أصبحت معروفة ومكشوفة فلم يكن هدف التحرك العمالي يوم أمس إلا الرسائل السياسية التي أراد الرئيس بري توجيهها في عدة اتجاهات فكان الاتحاد العمالي الخاص وفق الاهواء والأهداف المعروفة ففشل من جديد في تحركه كما كان دائما فاشلا في الوقوف إلى جانب القضايا المطلبية المحقة للعمال ولعموم الشعب اللبناني.
إقرأ أيضا : لعنة أن تكون لبنانيا!!
أخرج رئيس الإتحاد يوم أمس كل ما في هذا الإتحاد من الكذب والتضليل وأجاد اللعب على أوجاع اللبنانيين كما يفعل أسياده تماما وبالتفصيل الممل أيضا فكان معارضا ومواليا في آن واحد، وكان إلى السلطة وإلى جانب الشعب في آن واحد ولذلك لم يكن هذا التحرك الطاريء سوى مسرحية تافهة الإعداد والإخراج ولم تكن على مستوى ما يتطلع إليه اللبنانيون لسبب واحد فقط وهو أن فريق الإعداد والإخراج هو نفسه صاحب السلطة كما انه هو نفسه صاحب المبادرات السياسي التي لا يريدها إلا على مقاسه ووفقا للاهداف والمصالح الشخصية فكان تحرك الاتحاد ممسوكا وواضحا وهو بلا ادنى شك خدمة للسلطة واستواء ببعضها على بعضها بدهاء ومكر وخداع وهي الاساليب التي يمررونها دائما على الشعب اللبناني الذي بات يحتاج إلى معجزة للخروج من هذه الأزمة القاتلة.
إقرأ أيضا : في ذكرى الإنتصار كنا نريد أن نحتفل ولكن..
لقد وعى اللبنانيون أمس مستوى الكذب والتضليل الذي تمارسه عليهم هذه الطبقة السياسية وهذه المافيا الحزبية وباتوا على يقين من أمرهم أن الحل لم يعد ممكنا مع هذه السلطة، وإن أي تسوية لو حصلت فستكون هي أيضا على حساب لبنان واللبنانيين وجل ما يريده أهل السلطة هذه هو مصالحهم ومصالحهم فقط وليذهب اللبنانيون إلى جهنم.
لم يعد من رهان على أي حزب او سياسي أو زعيم ولا إنقاذ ولا مبادرات إنقاذية مع أمراء الحرب والطوائف ولا إنقاذ مع زعامات الصدفة ولا إنقاذ في ظل الصراع الدائر على الصلاحيات وحقوق المسيحيين.
إن الرهان على وعي الشعب يجب أن يعلم الشعب اللبناني أن الخروج من قدسية الزعامات هو الحل، ويجب أن يعلم الشعب اللبناني أن الخروج من تأثير الأحزاب وسلطتها هو الحل، وأن الخروج من أتون الطائفية هو الحل.
إن لبنان واللبنانيين أمام مرحلة خطيرة غير مسبوقة وهي مرحلة تستدعي أن يقول الشعب كلمته ضد كل من في هذه السلطة لاستعادة الدولة والكيان قبل فوات الاوان.