عوّدتنا هذه المافيا الحاكمة طيلة فترة وجودها في السلطة أن مصالحها الحزبية والشخصية هي فوق كل إعتبار، وان اخر ما يعنيها او ما يمكن ان تلتفت إليه هو مصالح الناس ومنهم أتباعهم طبعا للاسف،
وأمام هذا الواقع وهذه الحقيقة التي لا لبث فيها إلا عند ضعاف العقول او الطفيليين الذين يعتاشون هم أيضا على ضفاف المصالح الضيقة لهذه المافيا من فتات يرمونها لهم لاستخدامهم عند الحاجة، من موظفين وأتباع وسماسرة وإعلاميين منتفعين وتجار محتكرين يتمتعون بحمايتهم.
وعليه فتعالوا نبحث عن المصالح الشخصية البحتة التي تحول بين هذه العصابة المتحكمة وبين تشكيل حكومتهم العتيدة،
المعرقل الاول بدون منازع هو صهر الرئيس وماسك توقيعه جبران باسيل، الذي يحاول جاهدا من خلال عرقلته، تحقيق امرين منفصلين مترابطين، هما بالنسبة له يشكلان مسألة حياة او موت، الأمر الاول باعتقادي هو إرسال رسالة واضحة للاميركيين، والقول لهم أنه ليس فقط غير مؤتمر بأوامر حزب الله الذي يسعى ( الحزب ) أن يعيد تشيكل حكومته الثانية، بعد إستقالة حكومة حسان دياب، فهو كما أنه يقف حجر عثرة لمنعه، كذلك فإنه حاضر ومستعد ليس فقط للإبتعاد عن حزب الله وإنما هو حاضر لإعلان طلاقه عنه ومعارضته سياساته والتصدي لها، على أمل ان تشكل هذه البادرة خطوة وبادرة حسن نية، للفوزمن جديد بعودة الود مع اميركا كمقدمة ضرورية لرفع العقوبات عنه، كممر إجباري لصوله الى حلمه بخلافة عمه، والتي ما برحت هذه الخلافة تعتبر القلق الدائم بالنسبة له.
المعرقل الثاني هو الرئيس المكلف سعد الحريري، الذي جلّ همه وأكبر اهتماماته هو الاخر، العودة الراغدة الى أحضان المملكة السعودية التي لا تزال تشيح بوججها عنه، فيحاول ان يرسل لها رسالة يدّعي فيها أنه ولو من موقع القرب من حزب الله، فهو يسعى جاهدا إضعاف عهده، ورفع يد الحزب عن الإمساك مرة اخرى بقرار الحكومة اللبنانية من خلال التذاكي والاصرار على حكومة اختصاصين "مستقلين"، يبعد فيها الحزب عن التمثيل وبالتالي تحسب له خطوة اولى على طريق الوصول الى رضى المعنيين في المملكة.
إقرأ أيضا : البنزين الايراني ... وعد انتخابي جديد ؟
المعرقل الثالث هو حزب الله، فكما هو معروف لدى الجميع، فان قضية القضايا والهم الاعظم والاولية القصوى عند هذا الحزب انما هي سلاحه، اما بقية القضايا فيمكن علاجها باطلالة من هنا او بشعار خطابي من هناك، فالمواد الغذائية المفقودة دونها "بطاقة السجاد" السحرية، والمواد الزراعية تعوض بزراعة الشرفات والبرندات، مادة البنزين قد حلت وفاضت في سيارات الجمهور بمجرد وعد تلفزيوني بقدوم البواخر.
وعليه فان الوضع الراهن وان كان يزعج الحزب ويضعه ( وهو الحاكم الفعلي ) امام مسؤولية الفشل والضياع وسوء الخيار الا ان هذا الوضع لا يشكل كثير قلق ولا هو متضرر فعلي طالما ان شبكة اتصالاته وصواريخه وسلاحه يناموا جميعهم في مخازنه امنين مطمئنين، وبالتالي فهو حريص ان يحصل اي تحول او تغيير في واقع الحال السياسي، وهو غير مستعد للاعتراف بالفشل ولا يريد ان يخسر من اكثريته النيابية ولا الى خسارة تحالفاته مع المعرقلين المذكورين اعلاه، بل هو نفسه يدفع بهما الى محاولاتهما السخيفة باستعادة ما خسراه من علاقات دولية هو اكثر من بحاجة اليها، ولهذا لا معنى لاي حديث عن ضغوط قد يمارسها عليهما.
وامام هذا الثلاثي المعطّل، وقائع لا يريد هذا الثلاثي المعطل ان يروها، فلا الاميركي يعنيه شراء بضاعة باسيل الكاسدة، ولا السعودي يلتفت الى سعد الحريري الذي صار بالنسبة اليه من الماضي المؤسف، ولا الحزب هو في وارد الالتفات الى وجع الناس ومعاناتهم ومصائبهم وانهيار البلد فوق رؤوس الجميع بمن فيهم سلاحه... ومن هنا نفهم ما قاله الامين العام لحزب الله في اطلالته الاخيرة : الازمة مطولة ... أعان الله لبنان واللبنانيين .