أولا: حسان دياب ورئاسة الحكومة...
في خضمّ التّخبّط الحاصل في لبنان، وتلاطم الأزمات الاقتصادية والمالية والسياسية والمعيشية والحياتية، طلع بالأمس على المواطنين رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب بثياب الواعظين، ولسان الزاهدين، وسمات الوقار والتّقى والورع،كي يطلب من المواطنين اللبنانيين الصابرين الغافلين أن يتحلّوا بالصّبر، مع مناشدة الأقربين والأبعدين لنجدة الوطن اللبناني قبل غرقه، وليته كان على هذه الدرجة من الحرص على الوطن والمواطنين، يوم ارتضى قبل عامٍ ونصف أن يكون مجرد دمية بيد الطبقة السياسية الفاسدة التي تحكم هذا البلد المنكوب، وحتى الآن لم يعرف أحدٌ من المشتغلين بالسياسة، كيف اهتدى حُكّام لبنان الفاسدين إلى شخصه "الكريم" من بين النفايات "الأكاديمية" التي لا تُتقن من فنون السياسة، سوى الإنتهازية وهوَس الظهور والشهرة، وترأّس دياب حكومة هجينة عاجزة، ساهمت في رمي البلد في أتون الأزمات الخانقة التي تحيط بالبلد، وبما أنّ "دولته" يُفترض به أن يعرف أكثر من اللبنانيين الصابرين، أنّ الهذر في الكلام لا يفكُّ مغيصاً ولا يُشبع من جوعٍ، ولا يروي من عطش، وهو يعرف مُسبقاً أن المعاني والأفكار والمقترحات الفاسدة التي سردها بالأمس، وبوّبها تحت عشرة بنود، لا يمكنها أن توقف سيل الفساد المُستفحل، في حين هو ما زال في موقع المسؤولية، والمُفترض بما أنّه "أكاديمي" أن يعرف بأنّ الفساد أسرع إلى الناس، وأشدُّ التحاماً بالطّبائع، وليته كان قد نأى بنفسه عن ولوج هذه الطّرُق الموحشة التي ارتضاها، أمّا اليوم فليته يوقِف هذا الهذر، ويُخفّف على اللبنانيين إطلالاته التلفزيونية التافهة، ويمتنع عن ترداد الكلام الذي سبق أن ردّدهُ على أسماعهم، وما مثلُ اللبنانيين مع الدكتور حسان دياب إلاّ كمثل إبن فهريز الساعي للجّثلقة.
إقرأ أيضا : بئس هكذا مقاومة..التي أدّت للإذلال والخيبة بدل العِزّة والنصر.
ثانيا: إبن فهريز لا يصلح للجثلقة...
وقع بين فتًى من النصارى وبين إبن فهريز كلامٌ، فقال له الفتى: ما ينبغي أن يكون في الأرض رجلٌ واحد أجهل منك، وكان إبن فهريز في نفسه أكثر الناس عِلماً وأدباً، وكان حريصاً على الجثلقة، فقال للفتى: وكيف حللْتُ عندك هذا المحلّ؟ قال: لأنّك تعلم أنّنا لا نتّخذُ الجاثليق (مرتبة كهنوتية عند النصارى) إلاّ مديد القامة، وأنت قصير القامة، ولا نتّخذُه إلاّ جهير الصوت، جيّدَ الخُلُق، وأنت دقيق الصوت، رديئ الخلُق، ولا نتخذه إلاّ وهو وافر اللحية عظيمُها، وأنت خفيف اللحية صغيرها، وأنت تعلم أنّا لا نختار للجثلقة إلاّ رجلاً زاهداً في الرياسة، وأنت أشدُّ الناس كلَبا، وأظهرهم لها طلبا، فكيف لا تكون أجهل الناس، وخصالك هذه كلها تمنع من الجثلقة.