من المفترض ان تشهد أزمة الدواء بعض الإنفراجات هذا الاسبوع، حيث بدأ مستوردو الادوية منذ يوم الجمعة الماضي تسليم بعض الادوية المخزّنة، بعد ان وعد مصرف لبنان بتوقيع الموافقات المسبقة لملفات الادوية التي تمّ استيرادها ووصلت الى لبنان، قبل اعلان البنك المركزي عن آليته الجديدة للدعم.
منذ 7 أيار، عندما اشترط مصرف لبنان الحصول على موافقة مسبقة للاستيراد المدعوم، بدأت أزمة الدواء، وتوقف المستوردون عن تسليم الادوية للسوق، خوفاً من ان يرفض البنك المركزي تسديد قيمة البضائع التي تمّ استيرادها ووصلت الى لبنان قبل صدور الآلية الجديدة، والمقدّرة قيمتها بحوالى 180 مليون دولار وعد مصرف لبنان بإعطائها موافقات مسبقة خلال اليومين المقبلين، وتمنّت وزارة الصحة على المستوردين البدء بتوزيعها في الاسواق قبل الحصول على تلك الموافقات بهدف حلّ الأزمة.
وأوضح نقيب مستوردي الادوية كريم جبارة لـ»الجمهورية»، انّ المستوردين بدأوا بالفعل تسليم الادوية، بعد ان وعدهم مصرف لبنان بمنحهم موافقات مسبقة عليها، موضحاً انّ ذلك لا يعني انّ مصرف لبنان سيسدّد قيمة تلك الادوية، بل سيعطي موافقته المسبقة على دعمها، بما سيتيح لنا بيعها على سعر الصرف الرسمي، على ان يسدّد مصرف لبنان قيمتها بعد 5 أشهر او اكثر. لافتاً الى انّ مستوردي الادوية سبق ان استوردوا ما قيمته حوالى 600 مليون دولار، وتمّ بيعها على السعر المدعوم، إلّا انّ مصرف لبنان لم يقم لغاية اليوم بفتح اعتمادات لها، ولم يتمّ تسديد قيمتها للشركات المورّدة.
وسأل جبارة: «في حال تمّت معالجة الأزمة اليوم، وأعطى مصرف لبنان موافقته على المخزون الموجود البالغة قيمته 180 مليون دولار، علمًا انّه لغاية اليوم لم يوقّع على تلك الموافقات، هل سيمنح موافقات جديدة لطلبيات شهر حزيران؟ وهل الشركات المصنّعة التي لم يسدّد لها مصرف لبنان بعد مستحقاتها البالغة 600 مليون دولار منذ 6 أشهر، ستقبل التصدير الى لبنان والانتظار 6 اشهر اضافية لتسديد مستحقاتها؟».
وفيما اكّد جبارة انّ المخزون الحالي من الادوية يكفي لمدّة شهر تقريبًا، قال انّه في حال لم يمنح مصرف لبنان موافقات مسبقة للطلبات الجديدة، فإنّ أزمة انقطاع الدواء ستعود الشهر المقبل.
من جهته، اوضح نقيب الصيادلة غسان الامين لـ»الجمهورية»، انّ بيان مصرف لبنان حول المبالغ التي تمّ تحويلها الى المصارف لحساب شركات استيراد الأدوية والمستلزمات الطبية وحليب الرضع والمواد الأولية للصناعة الدوائية، بالاضافة الى الملفات المرسلة الى مصرف لبنان، والتي ذكر انّها تبلغ ملياراً و310 ملايين دولار منذ اوائل العام 2021 ولغاية 20 ايار الماضي، «فيه لغط كبير. إذ انّ مبلغ الـ 485 مليون دولار الذي تمّ تحويله الى المصارف لحساب شركات استيراد الأدوية والمستلزمات الطبية وحليب الرضع والمواد الأولية للصناعة الدوائية من 1 / 1 / 2021 وحتى 20 أيار الجاري، يعود للملفات التي تمّ تقديمها الى مصرف لبنان منذ تموز 2020، والتي وافق عليها مصرف لبنان هذا العام بسبب تأخّره في منح الموافقات 6 اشهر وحوالى الشهرين لفتح الاعتمادات».
واوضح الامين، انّ الملفات المرسلة الى مصرف لبنان، والتي تساوي 535 مليوناً، بالاضافة الى الطلبات الاخرى للحصول على موافقات مسبقة، والبالغة قيمتها 290 مليون دولار، تمّ تقديمها مسبقًا لأنّ المستوردين على دراية بالتأخير في الحصول على الموافقات، وهم يستبقون الامر، حيث أنّ تلك الملفات ستتمّ الموافقة عليها بعد 5 اشهر، وستصل البضائع بعد 6 اشهر. اي انّه سيتمّ استيرادها فعليًا في العام المقبل. مشدّدًا على انّ الارقام التي اعلن عنها مصرف لبنان تشمل ملفات العام الماضي والعام الحالي، ومؤكّدًا انّ فاتورة الاستيراد لم ترتفع وما زالت توازي قيمة فاتورة العام الماضي.
المستلزمات الطبية
ومن القطاعات التي رُفع الدعم عنها بشكل مبطّن أيضًا، الأجهزة والمستلزمات الطبية التي تباع اليوم بسعر السوق السوداء من دون أي دعم، بعد ان قبعت ملفات المستوردين في مصرف لبنان 8 أشهر ولم يحصلوا لغاية اليوم على مستحقاتهم البالغة 80 مليون دولار لدى البنك المركزي، علمًا انّ التجار سلّموا الاجهزة والمستلزمات الطبية التي تمّ استيرادها في السابق وتمّ بيعها على السعر المدعوم، بانتظار ان يسدّد مصرف لبنان قيمة الدعم البالغة 85 في المئة.
وقد اوضحت نقيبة مستوردي الاجهزة والمستلزمات الطبية سلمى عاصي لـ»الجمهورية»، «انّ قطاعنا طيّ النسيان ولا أحد يبالي في حلّ أزمة المستلزمات الطبية رغم انّها توازي بأهميتها أزمة الدواء». وشرحت، انّ الوضع مزرٍ، ولم يتم تسديد أي «قرش» للمستوردين منذ اوائل العام الحالي. وطمأنت عاصي الى انّ المشكلة لا تكمن في انقطاع الاجهزة والمستلزمات الطبية، لأنّ المستودرين يملكون مخزونًا منها، بل انّ المشكلة في عدم امكانية تقديم طلبات استيراد جديدة على السعر المدعوم، لأنّ الملفات السابقة لم يتمّ تسديد قيمتها بعد، في حين انّ المستوردات الجديدة وصلت قبل صدور قرار مصرف لبنان بضرورة الحصول على موافقة مسبقة، مما حتّم على المستوردين بيع المخزون والبضائع الجديدة على سعر الصرف في السوق السوداء، لأنّ الدعم لم يعد متوفراً لهم.
ولفتت الى انّ الاجهزة والمستلزمات الطبية متوفرة، وآلية بيعها من قِبل المستوردين تعتمد اليوم على التسديد المسبق لكامل قيمتها وعلى سعر صرف السوق، قبل تسليمها الى المستشفيات او التجار.