البلد كل البلد في غرفة العناية الفائقة، واللبنانيون من جحيم إلى جحيم، خرج علينا رئيس الجمهورية برسالة إلى المجلس النيابي لاستكمال اللعب على أوجاع اللبنانيين، وهو يعلم أنها لن تقدم ولن تؤخر في إخراج البلد من أزمته وأن المخرج الوحيد للازمة المصطنعة والمزيفة بينه وبين الرئيس المكلف هي بالرجوع إلى الدستور، وهو المرجع الوحيد لمعالجة الأزمة فيما لو أراد الرئيسان ذلك، لكن ما يجري هو إمعان في اللامبالاة وإصرار على الفراغ لأسباب باتت واضحة ومعلومة ذكرناها مرارا وعرفها اللبنانيون جميعا، وهي الصراع على الحصص والمغانم تحت عنوان الصلاحيات وصراع على التوزير تحت عنوان حقوق المسيحيين أو حقوق الطوائف وليس تحت أي عنوان آخر، فيما المفترض أن مثل هذه الخلافات حول برامج الإصلاح وخطط الحد من الإنهيار ووقف النزيف الوطني والشعبي الذي يكاد ينفجر بوجه الجميع.
إقرأ أيضا : سقطة وزير أم سقوط دولة
لم نكن بحاجة إلى ثرثرة النواب ولم نكن بحاجة إلى أن نسمع النشاز بقدر ما نريد أن يتحلى هؤلاء المسؤولون بالروح الوطنية وبحسّ المسؤولية تجاه ما بقي من هذا الوطن، وتجاه ما بقي من الدولة وتجاه هذا الشعب المقهور.
إن الحل يكمن بالدستور وحده ولا يمكن للمجلس النيابي التدخل في مثل هذه الحالة، وماذا سيفعل المجلس إذا كان الدستور واضحا بمواده حول التسمية والتكليف والتأليف، وما عدا ذلك هو لعب ولهو، هو لعب بأوجاع اللبنانيين وهو الرقص على الأنقاض وهو إمعان في المماطلة والتسويف على حساب لبنان واللبنانيين.
إننا أمام أزمة اخلاق وطنية، أمام أزمة التجرد من الحس الوطني ومن المسؤوليات الوطنية، إننا أمام أزمة نظام، وبالتالي فإن الحل الوحيد هو الدستور أو بالذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة وإنتاج سلطة جديدة تكون على مستوى آمال وتطلعات اللبنانيين وعلى مستوى حجم المأساة والكارثة.
إقرأ أيضا : البطريرك رياض سلامة
لقد آن الاوان لوضع حد لهذه المهزلة ولهذا الطيش السياسي ولهذا العناد المخزي والمعيب والمهين لكل اللبنانيين.
لم يعد ثمة مخارج إلا أن يذهب الجميع لانتخابات نيابية مبكرة وليذهب الجميع إلى الخيارات التي تصب في معالجة الأزمة دون الوقوف على متاريس التناطح السياسي والطائفي.
إن رئيس الجمهورية وهو الأمين على الدستور فليرجع إلى الدستور ويتحلى بمسؤوليته الوطنية إذا أراد الإنقاذ، وليذهب بعيدا عن مستشاريه وحاشيته ويمارس دوره كأمين على الدستور وكحريص على مصلحة البلد ومصالح اللبنانيين، وإلا فإننا ذاهبون إلى فوضى عارمة لا تبقي ولا تذر.